التنديد بمن عدد التوحيد - حسن بن علي السقاف - الصفحة ٣٥
(أي سجد له أبواه وإخوته الباقون وكانوا أحد عشر رجلا، وقد كان هذا سائغا في شرائعهم، إذا سلموا على الكبير يسجدون له، لم يزل هذا جائزا من لدن آدم إلى شريعة عيسى عليه الصلاة والسلام، فحرم هذا في هذه الملة) ا ه‍ المقصود منه.
ويوضح ذلك أيضا أمره عز وجل الملائكة بالسجود لآدم، فكان سجودهم له عليه الصلاة والسلام عبادة للآمر عز وجل، وإكراما لآدم عليه الصلاة والسلام.
ومن هنا نعلم أن تعظيم الكعبة بالطواف حولها وتعظيم الحجر الأسود باستلامه وتقبيله والسجود عليه ليس عبادة شرعا للبيت ولا للحجر، وإنما هو عبادة للآمر بذلك سبحانه وتعالى، الذي اعتقد الطائف بالبيت ربوبيته سبحانه، فليس كل تعظيم لشئ عبادة له شرعا، حتى يكون شركا، بل منه ما يكون واجبا أو مندوبا إذا كان مأمورا به أو مرغبا فيه، ومنه ما يكون مكروها أو محرما، ومنه ما يكون مباحا، ولا يكون التعظيم لشئ شركا حتى يقترن معه اعتقاد ربوبية ذلك الشئ، أو خصيصة من خصائصها، فكل من عظم شيئا فلا يعتبر في الشرع عابدا له إلا إذا اعتقد فيه ذلك الاعتقاد، وقد استقر في عقول بني آدم ما داموا على سلامة الفطرة أن من ثبتت له الربوبية فهو للعبادة مستحق، ومن انتفت عنه الربوبية فهو غير مستحق للعبادة، فثبوت الربوبية واستحقاق العبادة متلازمان فيما شرع الله في شرائعه وفيما وضع في عقول الناس، وعلى أساس اعتقاد الشركة في الربوبية بنى المشركون استحقاق العبادة لمن اعتقدوهم أربابا من دون الله تعالى، ومتى انهدم هذا الأساس من نفوسهم تبعه ما بني عليه من استحقاق غير الله للعبادة، ولا
(٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 ... » »»
الفهرست