إرغام المبتدع الغبي بجواز التوسل بالنبي (ص) - الحافظ ابن الصديق المغربي - الصفحة ٤٦
وقد أظهر في هذا الكلام من الجهل ما يضحك منه صغار الطلبة، لأنه فضح به نفسه، وأظهر للناس صدق قولنا فيه: إنه محدث الأوراق والصحف، ولا يغوص لاستخراج علل أسانيد الأحاديث الخفية، ولا يغوص لاستخراج علل أسانيد الأحاديث الخفية، ولا يتتبع الطرق ويعتبر بها، كما هو مقرر عند أهل هذا العلم، وإنما غايته كغيره ممن يتعاطى الاشتغال بالحديث أن يرجع إلى رجل من رجال السند، فيكتفي بما قيل فيه في الطعن في الحديث، وإن كان ذلك الراوي المسكين لا ناقة له ولا جمل في علة الحديث، وهذا صنيع المبتدئين البسطاء في هذا الفن.
ولبيان تهوره هذا أقول: إن الحارث برئ من هذا الحديث براءة الذئب من دم يوسف. ولا علاقة له به مطلقا.
والألباني أوقعه في هذا الخطأ القبيح والغلط الشنيع، تقليده لأبي الطيب العظيم آبادي، فهو الذي اقتصر على إلصاق التهمة في هذا الحديث بالحارث في كتابه:
" التعليق المغني على الدارقطني " 3 / 80 وذلك قصور منه.
واعتماد الألباني عليه - لعدم وصوله إلى درجة الاجتهاد في الكلام، على الرجال أوقعه كما قلنا فيما كشف به عن جهله.
وذلك أن الحديث رواه الدارقطني في آخر كتاب البيوع من " سننه " 3 / 80 والخطيب في " الفقيه والمتفقه) 1 / 32 من طريق الهيثم بن موسى المروزي، عن عبد العزيز بن الحصين بن الترجمان، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي - عليه السلام - به مرفوعا.
فالقاعدة المقررة، عند أهل العلم بالحديث، والأمر الذي عليه العمل عندهم، وهو الذي يقتضيه النظر أيضا:
إن الحديث يجب أن يعلل أولا بالهيثم بن موسى المروزي المجهول، فإني لم أقف له على ترجمة فيما لدي من كتب الرجال، وإنما الذي وجدته عنه هو ذكر الخطيب له في " تاريخ بغداد " في ترجمة إسحاق بن البهلول، الذين أخذ عنهم الفقه، فقال:
وذكر أهله أنه كان فقيها، حمل الفقه عن الحسن بن زياد اللؤلؤي، وعن الهيثم بن موسى صاحب أبي يوسف القاضي. فهذا ما وجدته عنه. فالرجل في عداد المجهولين فيما يظهر.
(٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 ... » »»