الحديث ورؤوس محدثي الكوفة، مثل: أبي إسحاق السبيعي، والأعمش، ومنصور بن زبيد، والشعبي.
وإن كان الذهبي يقول في حق الشعبي: إن تشيعه يسير كما نقل ذلك صاحب (الروض الباسم، في الذب عن سنة أبي القاسم) 1 / 148 عن (النبلاء) للذهبي، أنه قال: روى الشعبي عن حذيفة أنه تكلم في أبي موسى بكلام يقتضي أنه منافق، ثم قال: في الشعبي تشيع يسير.
وقول من قال: إن الشعبي يقبل حديثه فيما لا يؤيد مذهبه ولا يوافق رأيه، باطل أيضا.
فالعمدة في الرواية على العدالة والضبط، فإذا ثبتا في الراوي فلا معنى للنظر في شئ زائد عنهما، إلا التعنت والتمحل في رد ما لا يوافق الهوى.
ولا يجوز في العقل، أن يكون الرجل حجة ثبتا ثقة في حديث ويكون في الوقت نفسه كذابا متهما باطل الرواية في حديث آخر.
والثقة على هذه الصورة، لا يوجد إلا في مخيلة النواصب، ومن تبعهم من الجهلة.
وأما المسلمون عموما، لا فرق بين عالمهم وجاهلهم، فالثقة عندهم: هو الذي يجتنب الكبائر، ولا يعتمد الولوج في الصغائر، ولا يتظاهر بخوارم المروعة.
وإذا ارتكب كبيرة، وتظاهر بها، أو عرفت عنه، فهو فاسق لا يقبل حديثه مطلقا بتاتا، سواء كان صادقا فيه أو لم يكن.
وعلى هذا اصطلح عباد الله تعالى في شرق الأرض وغربها، لأن الله تعالى يقول: (إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا) فأطلق سبحانه الأمر بالتبين في نبأ الفاسق، ولم يخص منه نوعا دون نوع.
وأول من أظهر هذه الزيادة، وهي أن الشيعي الثقة لا يقبل حديثه المؤيد لمذهبه وإدخالها في تقييد حديث الشيعي الثقة أبو إسحاق الجوزجاني، وهو ناصبي مشهور، له صولات وجولات وتهجمات شائنة في القدح في الأئمة الذين وصفوا