إرغام المبتدع الغبي بجواز التوسل بالنبي (ص) - الحافظ ابن الصديق المغربي - الصفحة ٤٤
الحديث النبوي فلا، وكان من أوعية العلم... الخ كلامه المذكور، في " الميزان " 1 / 202.
فرواية أهل الحديث لحديثه في الأبواب دليل على أنه لم يوهنوه، كما ذكرت ذلك‍ في " الباحث ".
وأما قوله: والظاهر أنه كان يكذب في لهجته، فباطل أيضا، بل من أبطل ا لباطل.
لأن المقرر عند أهل الحديث أن الراوي إذا كان يكذب في لهجته وكلامه ولا يكذب في حديثه، فروايته أيضا غير مقبولة.
لأن العدالة لا تتجزأ ولا تتبعض، فلا يكون الراوي ثقة عدلا في جهة، وكذابا فاسقا في جهة أخرى. وهذا مما تشترك فيه الرواية مع الشهادة.
بخلاف الضبط، فقد يكون الراوي ضابطا في شيخ، ضعيفا في آخر، كما هو معلوم لصغار الطلبة. أما العدالة فلا تتبعض ولا تتجزأ مطلقا، لا سيما وقد قالوا في تعريف الثقة: هو الذي يجتنب الكبائر ولا يتظاهر بخوارم المروءة. وهل هناك كبيرة أعظم وأقبح من الكذب، والإخبار بغير الواقع!؟ وإن كان يعفي رجال الحديث قبل رواية الرجل الذي يكذب في لهجته وكلامه، ولا يكذب في حديثه.
وذلك مذكور في المصطلح، ويظهر أن الذهبي - رحمه الله تعالى - مشى على هذا القول في توجيه طعن الشعبي بالكذب في الحارث.
وهو مردود عقلا ونقلا، ولا يتمشى مع القواعد المقررة، فكن منه على بال.
والمقصود بعد هذا، أن الحارث ثقة عدل رضي، وثقة الأئمة من رجال السلف والخلف. بل لو قلت: الاتفاق قد حصل ووقع على توثيقه، إلا ما شذ من الأقوال المخالفة للجمهور لكنت صادقا في ذلك، ومن خالف الجمهور في ذلك فخلافه مردود بما تقتضيه القواعد المقررة التي لا يمكن نقضها وردها، كما بينت ذلك، في " الباحث ".
ولأجل ذلك احتج به أصحاب السنن، وذكروا حديثه في الأبواب، فإنه لا معنى لذلك إلا كونه حجة صالحا للعمل.
(٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 ... » »»