إرغام المبتدع الغبي بجواز التوسل بالنبي (ص) - الحافظ ابن الصديق المغربي - الصفحة ٥٠
ولم يقل أحد أن ذلك جرح لهم، وهذا موضوع معروف بين أهل الحديث، وألفوا فيه التآليف، بل يوجد هذا حتى في الصحابة، ففيهم عدد كبير لم يرو عنهم الرواة إلا حديثا واحدا أو ثلاثة أو أربعة.
وحتى لو سلمنا للألباني فهمه، فإن هذا يكون حجة عليه في رمي الحارث بهذا الحديث، لأنه يدل على أن أبا إسحاق لم يسمع هذا الحديث من الحارث، فلماذا يرميه به إذن، ويتهمه بوضعه هذا؟! والله إنه الدخول فيما لا يحسنه الانسان.
ومن جهله أيضا، ظنه أن توثيق الراوي لشيخه لا يتم حتى يروي عنه العدد الكبير من الأحاديث. ولهذا اعتمد على قول شعبة هذا، مع أن هذا الشرط لا تجده إلا في مخيلة الألباني.
وإلا فلا فرق في ذلك بين أن يروي شيخ حديثا واحدا أو مئة في الدلالة على كونه ثقة عنده إن قلنا: إن الرواية عن الشيخ تدل على كونه ثقة عند الراوي عنه.
والمسألة فيها نزاع شهير مذكور في محله.
ثم مما يعرفك بضعف الألباني في هذا العلم، وقصوره فيه، وعدم اتباعه للمقرر فيه عند أهله، أنه حكم على الحديث أولا بأنه موضوع، ثم قال بعد أن ذكر سند الحديث الذي علقه من طريق أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي بن أبي طالب:
وهذا سند ضعيف جدا. فحكمه أولا بأن الحديث موضوع - وهو شر الضعيف لأنه لا درجة بعده مطلقا - ثم حكمه على السند بأنه ضعيف جدا ثانيا، تناقض عظيم، وجهل كبير، يعلمه طلبة " نخبة الفكر " لأن السند الضعيف جدا لا يصل أن يكون به الحديث موضوعا.
بل يحتمل أن يكون واهيا يرتفع إلى درجة الضعيف.
بخلاف الحديث الموضوع، فإنه لا يرتفع إلى درجة الضعيف مطلقا، ولا تنفع فيه المتابعات والشواهد. وهذا أمر معلوم لا يحتاج إلى شرحه للألباني، وعليه بقراءة " النخبة " ليعلمه، وفي الوقت الذي نجد فيه الألباني يرفض الاعتماد في التصحيح والتضعيف على الحفاظ النقاد، لأن ذلك يكون غالبا فيما لا يوافق هواه.
ولا يتمشى مع رأيه، نراه هنا يؤيد قوله ورأيه في الحارث بما لا يعد تأييدا عند
(٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 ... » »»