إرغام المبتدع الغبي بجواز التوسل بالنبي (ص) - الحافظ ابن الصديق المغربي - الصفحة ٤٢
الله تعالى الفرصة لبيانها، حتى يعلم الطلبة أنه محدث الأوراق والصحف.
وأعظم دليل على هذا ما وقع له في شأن الحارث، مع وقوفه على قول الذهبي في ترجمة الحارث في " الميزان " أن الجمهور على توهينه، فأخذ ذلك منه مسلما، ورأى أن ذلك هو الحق، لأنه ليس له أهلية لمعرفة صواب كلام أهل الجرح من خطئه، وحقه من باطله، وإلا لو كانت له أهلية وكفاءة، وكان محدثا على طريق النقاد، لتتبع كلام أهل الجرح وسبر أقوالهم، ليعلم هل قول الذهبي في الحارث أن الجمهور على توهينه صواب أم خطأ؟ حق أم باطل؟
لأن الذهبي، وإن كان حافظا ناقدا، لكنه له أوهام وأغلاط في كلامه على بعض الرجال، من لم يتنبه لها يقع في حبالتها.
كما يقع له أيضا أوهام في تصحيح الأحاديث وتضعيفها، وتساهل في الكلام على أسانيدها، كما يعلم ذلك من قرأ تلخيص المستدرك له، ومن ذلك قوله في الحارث إن الجمهور على توهينه، فإنه وهم محض، وتسرع في القول لا غير.
ولو تتبع الألباني، كلام أهل الجرح في الحارث - كما حصل لنا - ونظر في مخرج جرح المجرحين له، لعلم وتحقق أن الجمهور الذي قال الذهبي أنه اتفق على توهين الحارث لا يوجد إلا في (الميزان) للذهبي - رحمه الله تعالى - وأنه لا حقيقة له في الخارج مطلقا، كما يقولون في العنقاء.
لأن الجمهور الذي يخرج منه الحسن والحسين، ومعهما والدهما - عليهم السلام - وأهل الكوفة جميعا، وابن سيرين، وسعيد بن جبير، وابن معين، وأحمد بن صالح المصري، وحبيب بن أبي ثابت، والنسائي، وأبو بكر بن أبي داود، وأبو حفص ابن شاهين، وابن عبد البر، وغيرهم كثير ممن وثقه وأثنى عليه. بل قال ابن معين: ما زال المحدثون يقبلون حديثه.
الجمهور الذي يخرج منه هذا العدد الجم من أئمة السلف والخلف، لجدير أن ينبذ نبذ النواة، ويطرح في زوايا الترك والاهمال، ويسدل عليه ستار النسيان.
ويكفي في رد دعوى الذهبي - رحمه الله تعالى - هذه في كون الجمهور على هين الحارث:
(٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 ... » »»