إلا أنا نقول: مثل الحسن والحسين في العلم والجلالة في الدين، لا يأخذ الحديث عمن عرف بالكذب وعدم الصدق في الرواية.
لأنهما يعلمان قبح ذلك، وأنه لا فائدة في الأخذ عن الكذاب، بل فيه الإثم.
لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من حدث عني بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكذابين.
ومن روى عن الكذاب ونشر حديثه بين الناس فهو داخل في هذا الوعيد.
وحاشا الحسن والحسين - عليهما السلام - أن يجهلا هذا الوعيد أو يستخفا بهذه الكبيرة حتى يستجيزا الرواية عن الكذاب.
فرواية الحسن والحسين عن الحارث ترد طعن الشعبي فيه بالكذب، وتظهر أنه أراد به - إن سلم ذلك له - الكذب في الرأي، كما قال أحمد بن صالح المصري.
ولهذا قال الحافظ الكبير أبو حفص ابن شاهين في: (الجزء الذي ذكر فيه من اختلف فيه العلماء ونقاد الحديث، فمنهم من وثقه ومنهم من ضعفه، ومن قيل فيه قولان) وهو مطبوع في آخر تاريخ جرجان: 559 قال بعد أن ذكر قول الشعبي الحارث الأعور أحد الكذابين ما نصه:
قال أبو حفص: وفي هذا الكلام من الشعبي في الحارث نظر، لأنه قد روى هو أنه رأى الحسن والحسين يسألان الحارث عن حديث علي.
وهذا يدل على أن الحارث صحيح في الرواية عن علي، ولولا ذلك لما كان الحسن والحسين، مع علمهما وفضلهما، يسألان الحارث، لأنه كان وقت الحارث من هو أرفع من الحارث من أصحاب علي، فدل سؤالهما للحارث على صحة روايته.
ومع ذلك، فقد قال يحيى بن معين: ما زال المحدثون يقبلون حديثه.
وهذا من قول يحيى بن معين الإمام في هذا الشأن زيادة لقبول حديث الحارث وثقته.
وقد وثقة أحمد بن صالح المصري إمام أهل مصر في الحديث، فقيل لأحمد بن