إرغام المبتدع الغبي بجواز التوسل بالنبي (ص) - الحافظ ابن الصديق المغربي - الصفحة ٤٩
بسببه بعيد عن صناعة الحديث بعد السماء عن الأرض.
ومن الأمور التي تدل على تصور الألباني: أنه اقتصر في كلامه على الحارث على قوله: ضعفه الجمهور. وقال ابن المديني: كذاب.
وترك ذكر العدد الكبير الذي وثقه وأثنى عليه كما ذكر ذلك في ترجمة الحارث من كتب الجرح. وقد ذكرت ذلك فيما سبق.
والمقرر عن المحدثين والذي عليه عملهم: أنه يجب أن يذكر في الراوي ما قيل فيه من جرح وتعديل ومدح وذم ليعرف منزلة قول الجارح من المادح، فإن عبارات المجرحين يظهر الخلل فيها من أقوال الموثقين للراوي نفسه كما هو معلوم.
ولعلي أشرت إلى هذا في " الباحث "، من ذلك: أن الجرح لا يقبل إلا مفسرا كما أجمع عليه أهل النقد من أهل الحديث، اللهم إلا إذا كان الراوي لم يوثق مطلقا.
أما إذا كان الراوي وثقة جماعة وجرحه آخرون بجرح غير مفسر، فالجرح مردود غير مقبول قولا واحدا بدون خلاف من أحد.
كما هو الحال في الحارث، فإن المجرحين له لم يفسروا جرحهم له، ولم يبينوا أسبابه، فيطرح جرحهم ويترك ويعمل بقول من وثقه، وهو الجمهور من السلف والخلف.
ولكن الألباني اقتصر على قوله: إنه كذاب، والجمهور على تضعيفه. ونحن لا نكون مثله، فنقول: إنه يشم منه رائحة النصب، وقد عابوا على ابن الجوزي في كتابه في الرجال صنيعه الذي تفرد به عن أهل الحديث، وهو الاقتصار على ذكر ما قيل في الرجل من الجرح دون التعديل، لأن ذلك ينافي الأمانة أولا، ويضلل الباحث عن حال الرجال ثانيا.
ومما يضحك ويجعل حبوتك تنحل عجبا من هذا الألباني: أنه جعل قول شعبة: لم يسمع أبو إسحاق منه إلا أربعة أحاديث، مما يجرح به الحارث، مع أن هذا لا دخل له في باب الجرح مطلقا عند أهل الحدث النقاد، وإنما هو إخبار عن كون أبي إسحاق لم يكن من المكثرين عن الحارث لا غير. كما أن عددا من المشاهير الثقات من رجال الصحيح لم يرو عنهم بعض الأئمة إلا حديثا واحدا، فضلا عن أربعة.
(٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 ... » »»