إرغام المبتدع الغبي بجواز التوسل بالنبي (ص) - الحافظ ابن الصديق المغربي - الصفحة ٤٠
وإلا لما أخذ عنه وتعلم منه، وهو معدود من الرواة عن الحارث.
لا سيما والكذب لم يكن له سوق بين التابعين، ولا له رواج على لسانهم، وإذا وقع منهم فعلى سبيل الغلط والوهم والخطأ.
وهذا شأن عامتهم، فكيف بعلمائهم وساداتهم كالحارث!؟
وما صار التابعون يأخذون الحذر من الرواة ويحتاطون في الأخذ حتى وقعت الفتنة، فلما وقعت، نظروا من كان من أهل السنة أخذوا حديثه، ومن كان من أهل البدع تركوا حديثه - كما قال ابن سيرين - رحمه الله تعالى.
وهذا الاحتياط لم يكن منهم لأجل انتشار الكذب بينهم، وإنما كان لأجل المذهب والخروج عن جماعة أهل السنة.
ثم بعد أن قررت هذا، وسنح في الفهم عند كتابة هذه السطور، وجدت الذهبي - رحمه الله تعالى - يقول في رسالته: " في الثقات المتكلم فيهم بما لا يوجب ردهم ": 4 بعد كلام ما نصه:
وأما التابعون، فيكاد يعدم فيهم من يكذب عمدا، ولكن لهم غلط وأوهام، فمن ندر غلطه في جنب ما قد حمل احتمل، ومن تعدد غلطه وكان من أوعية العلم اغتفر له أيضا، ونقل حديثه، وعمل به على تردد بين الأئمة الأثبات في الاحتجاج عمن هذا نعته، كالحارث الأعور، وعاصم بن ضمرة، وصالح مولى التوأمة، وعطاء بن السائب، ونحوهم، ومن فحش خطؤه وكثر تفرده لم يحتج بحديثه، ولا يكاد يقع ذلك في التابعين الأولين، ويوجد ذلك في صغار التابعين فمن بعدهم.
أه‍. كلامه.
فأفاد هذا التقرير، من الحافظ الناقد المتقن الذهبي - رحمه الله تعالى - فيما يتعلق بالحارث أمورا:
أولها: أن الحارث لم لكن كذابا كما زعم الشعبي، لأن الكذب لم يكن يصدر من التابعين عمدا.
ثانيها: أن حديثه يعمل به في الأحكام وينقل بين الناس، ولهذا احتج أصحاب كتب السنة بحديثه للمعنى الذي ذكره الذهبي، والتردد في ذلك لا يضر، فقد
(٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 ... » »»