وفرض الامر بالمعروف مصلحة للعوام، لان الامر بالعدل والانصاف ورد الودائع، وأداء الأمانات إلى أهلها، وقضاء الديون، والصدق في القول، وإيجاز الوعد، وغير ذلك من محاسن الأخلاق، مصلحة للبشر عظيمة لا محالة.
وفرض النهى عن المنكر ردعا للسفهاء، كالنهي عن الظلم والكذب والسفه، وما يجرى مجرى ذلك.
وفرضت صلة الرحم منماة للعدد، قال النبي صلى الله عليه وآله: (صلة الرحم تزيد في العمر وتنمى العدد).
وفرض القصاص حقنا للدماء، قال سبحانه: ﴿ولكم في القصاص حياة يا أولى الألباب﴾ (1).
وفرضت إقامة الحدود إعظاما للمحارم، وذلك لأنه إذا أقيمت الحدود امتنع كثير من الناس عن المعاصي التي تجب الحدود فيها، وظهر عظم تلك المعاصي عند العامة فكانوا إلى تركها أقرب.
وحرم شرب الخمر تحصينا للعقل، قال قوم لحكيم: اشرب الليلة معنا، فقال:
أنا لا أشرب ما يشرب عقلي، وفى الحديث المرفوع (أن ملكا ظالما خير إنسانا بين أن يجامع أمه أو يقتل نفسا مؤمنة أو يشرب الخمر حتى يسكر، فرأى أن الخمر أهونها، فشرب حتى سكر، فلما غلبه قام إلى أمه فوطئها، وقام إلى تلك النفس المؤمنة فقتلها)، ثم قال عليه السلام: (الخمر جماع الاثم، الخمر أم المعاصي).
وحرمت السرقة إيجابا للعفة، وذلك لان العفة خلق شريف، والطمع خلق دنئ، فحرمت السرقة ليتمرن الناس على ذلك الخلق الشريف، ويجانبوا ذلك الخلق الذميم، وأيضا حرمت لما في تحريمها من تحصين أموال الناس.