وحرم الزنا تحصينا للنسب، فإنه يفضي إلى اختلاط المياه واشتباه الأنساب، وألا ينسب أحد بتقدير ألا يشرع النكاح إلى أب، بل يكون نسب الناس إلى أمهاتهم، وفي ذلك قلب الحقيقة، وعكس الواجب، لان الولد مخلوق من ماء الأب، وإنما الام وعاء وظرف.
وحرم اللواط تكثيرا للنسل، وذلك اللواط بتقدير استفاضته بين الناس والاستغناء به عن النساء يفضي إلى انقطاع النسل والذرية، وذلك خلاف ما يريد الله تعالى من بقاء هذا النوع الشريف الذي ليس في الأنواع مثله في الشرف، لمكان النفس الناطقة التي هي نسخة ومثال للحضرة الإلهية، ولذلك سمت الحكماء الانسان العالم الصغير.
وحرم الاستمناء باليد وإتيان البهائم للمعنى الذي لأجله حرم اللواط، وهو تقليل النسل، ومن مستحسن الكلمات النبوية قوله عليه السلام في الاستمناء باليد:
(ذلك الوأد الخفي) لان الجاهلية كانت تئد البنات أي تقتلهن خنقا، وقد قدمنا ذكر سبب ذلك، فشبه عليه السلام إتلاف النطفة التي هي ولد بالقوة بإتلاف الولد بالفعل.
وأوجبت الشهادات على الحقوق استظهارا على المجاحدات، قال النبي صلى الله عليه وآله: (لو أعطى الناس بدعاويهم لاستحل قوم من قوم دماءهم وأموالهم)، ووجب ترك الكذب تشريفا للصدق، وذلك لان مصلحة العامة إنما تتم وتنتظم بالصدق، فإن الناس يبنون أكثر أمورهم في معاملاتهم على الاخبار، فإنها أعم من العيان والمشاهدة، فإذا لم تكن صادقة وقع الخطأ في التدبيرات، وفسدت أحوال الخلق.
وشرع رد السلام أمانا من المخاوف، لان تفسير قول القائل (سلام عليكم) أي لا حرب بيني وبينكم بل بيني وبينكم السلام، وهو الصلح.