وقالت الحكماء: نفوس السباع أردأ النفوس وأخبثها لفرط شرهها وشرها. قالوا:
وقد وجدنا الرجل يضرب الحية بعصا فيموت الضارب والحية، لان سم الحية فصل منها حتى خالط أحشاء الضارب وقلبه، ونفذ في مسام جسده.
وقد يديم الانسان النظر إلى العين المحمرة فتعتري عينه حمرة، والتثاؤب يعدى أعداء ظاهرا، ويكره دنو الطامث من اللبن لتسوطه، لان لها رائحة وبخارا يفسد اللبن المسوط (1).
وقال الأصمعي: رأيت رجلا عيونا (2) كان يذكر عن نفسه إنه إذا أعجبه الشئ وجد حرارة تخرج من عينه.
وقال: أيضا كان عندنا عيونان فمر أحدهما بحوض من حجارة، فقال: تالله ما رأيت كاليوم حوضا! فانصدع فلقتين، فمر عليه الثاني، فقال: وأبيك لقلما ضررت أهلك فيك! فتطاير أربع فلق.
وسمع آخر صوت بول من وراء جدار حائط، فقال: إنك كثير الشخب، فقالوا: هو ابنك، فقال: أوه انقطع ظهره، فقيل لا بأس عليه إن شاء الله، فقال: والله لا يبول بعدها أبدا، فما بال حتى مات.
وسمع آخر صوت شخب ناقة بقوة فأعجبه، فقال: أيتهن هذه؟ فوروا بأخرى عنها، فهلكتا جميعا، المورى بها والمورى عنها.
قال رجل من خاصة المنصور له قبل أن يقتل أبا مسلم بيوم واحد: إني رأيت اليوم لأبي مسلم ثلاثا تطيرت له منها. قال: ما هي؟ قال: ركب فوقعت قلنسوته