شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٩ - الصفحة ٣٥
(٢١٠) الأصل:
من لان عوده كثفت أغصانه.
الشرح:
تكاد هذه الكلمة أن تكون إيماء إلى قوله تعالى: ﴿والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه﴾ (١)، ومعنى هذه الكلمة أن من حسن خلقه، ولانت كلمته، كثر محبوه وأعوانه وأتباعه.
ونحوه قوله: (من لانت كلمته وجبت محبته).
وقال تعالى: ﴿ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك﴾ (2)، وأصل هذه الكلمة مطابق للقواعد الحكمية، أعني الشجرة ذات الأغصان حقيقة، وذلك لان النبات كالحيوان في القوى النفسانية، أعني الغاذية والمنمية، وما يخدم الغاذية من القوى الأربع، وهي الجاذبة، والماسكة، والدافعة، والهاضمة، فإذا كان اليبس غالبا على شجرة كانت أغصانها أخف، وكان عودها أدق، وإذا كانت الرطوبة غالبة كانت أغصانها أكثر، وعودها أغلظ، وذلك لاقتضاء اليبس الذبول، واقتضاء الرطوبة الغلظ والعبالة والضخامة، ألا ترى أن الانسان الذي غلب اليبس على مزاجه، لا يزال مهلوسا (3) نحيفا، والذي غلبت الرطوبة عليه لا يزال ضخما عبلا.

(١) سورة الأعراف ٥٨.
(٢) سورة آل عمران ١٥٩.
(3) رجل مهلوس: هلسه الداء وخامره.
(٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تابع ما ورد من حكمه عليه السلام ومختار أجوبة مسائله، وكلامه 7
2 فصل في الحياء وما قيل فيه 45
3 مثل من شجاعة علي عليه السلام 60
4 قصة غزوة الخندق 62
5 ما جرى بين يحيى بن عبد الله وعبد الله بن مصعب عند الرشيد 91
6 من كلامه عليه السلام لكميل بن زياد النخعي وشرح ذلك 99
7 نبذ من غريب كلام الإمام علي وشرحه لابن عبيد 116
8 نبذ من غريب كلام الإمام علي وشرحه لابن قتيبة 124
9 خطبة منسوبة للإمام علي خالية من حرف الألف 140
10 من كلامه عليه السلام في وصف صديق وشرح ذلك 183
11 نبذ من الأقوال الحكيمة في حمد القناعة وقلة الأكل 184
12 نبذ من الأقوال الحكيمة في الفقر والغنى 227
13 نبذ من الأقوال الحكيمة في الوعد والمطل 248
14 نبذ من الأقوال الحكيمة في وصف حال الدنيا وصروفها 287
15 أقوال مأثورة في الجود والبخل 316
16 نبذ مما قيل في حال الدنيا وهوانها واغترار الناس بها 326
17 مما ورد في الطيب من الآثار 341
18 نبذ مما قيل في التيه والفخر 352
19 طرائف حول الأسماء والكنى 365
20 أقوال في العين والسحر والعدوي والطيرة والفأل 372
21 نكت في مذاهب العرب وتخيلاتها 383