(350) الأصل قال: معاشر الناس، اتقوا الله، فكم من مؤمل ما لا يبلغه، وبان ما لا يسكنه، وجامع ما سوف يتركه، ولعله من باطل جمعه، ومن حق منعه، أصابه حراما، واحتمل به آثاما، فباء بوزره، وقدم على ربه، آسفا لاهفا، قد (خسر الدنيا و الآخرة ذلك هو الخسران المبين).
الشرح:
قد تقدم شرح هذه المعاني والكلام عليها، أما الآمال التي لا تبلغ، فأكثر من أن تحصى، بل لا نهاية لها.
وما أحسن قول القائل:
وا حسرتا مات حظي من وصالكم * وللحظوظ كما للناس آجال إن مت شوقا ولم أبلغ مدى أملى * كم تحت هذى القبور الخرس آمال!
وأما بناء ما لا يسكن، فنحو ذلك.
وقال الشاعر:
ألم تر حوشبا بالأمس يبنى * بناء نفعه لبني نفيلة يؤمل أن يعمر عمر نوح * وأمر الله يطرق كل ليلة وأما جامع ما سوف يتركه، فأكثر الناس، قال الشاعر:
وذي إبل يسعى ويحسبها له * أخو تعب في رعيها ودؤوب غدت وغدا رب سواه يسوقها * وبدل أحجارا وجال قليب