(286) الأصل:
من تذكر بعد السفر استعد.
الشرح:
هذا مثل قولهم في المثل: (الليل طويل، وأنت مقمر) (1)، وقال أيضا: عش ولا تغتر (2).
وقال أصحاب المعاني: مثل الدنيا كركب في فلاة وردوا ماء طيبا، فمنهم من شرب من ذلك الماء شربا يسيرا، ثم أفكر في بعد المسافة التي يقصدونها، وإنه ليس بعد ذلك الماء ماء آخر، فتزود منه ماء أوصله إلى مقصده، ومنهم من شرب من ذلك الماء شرب عظيما، ولها عن التزود والاستعداد، وظن أن ما شرب كاف له ومغن عن ادخار شئ آخر، فقطع به، وأخلفه ظنه، فعطش في تلك الفلاة ومات.
وقد روى عن النبي صلى الله عليه وآله إنه قال لأصحابه: (إنما مثلي ومثلكم ومثل الدنيا كقوم سلكوا مفازة غبراء حتى إذا لم يدروا ما سلكوا منها أكثر أم ما بقي!
أنفدوا الزاد وحسروا الظهر، وبقوا بين ظهراني المفازة لا زاد ولا حمولة، فأيقنوا بالهلكة، فبينما هم كذلك خرج عليهم رجل في حلة يقطر رأسه ماء، فقالوا: هذا قريب عهد بريف، وما جاءكم هذا إلا من قريب، فلما انتهى إليهم وشاهد حالهم قال:
أرأيتم إن هديتكم إلى ماء رواء، ورياض خضر ما تعملون؟ قالوا لا نعصيك شيئا،