رسول الله صلى الله عليه وآله فيقول: اللهم داحي المدحوات، وبارئ المسموكات، وجبار القلوب على فطراتها، شقيها وسعيدها، اجعل شرائف صلواتك، ونوامي بركاتك، ورأفة تحياتك، على محمد عبدك ورسولك، الفاتح لما أغلق، والخاتم لما سبق، والمعلن الحق بالحق، والدامغ جيشات الأباطيل، كما حملته فاضطلع بأمرك لطاعتك، مستوفزا في مرضاتك، لغير نكل في قدم، ولا وهن في عزم، داعيا لوحيك، حافظا لعهدك، ماضيا على نفاذ أمرك، حتى أورى قبسا لقابس، آلاء الله تصل بأهله أسبابه به، هديت القلوب بعد خوضات الفتن والاثم، موضحات الاعلام، ونائرات الاحكام، ومنيرات الاسلام، فهو أمينك المأمون، وخازن علمك المخزون، وشهيدك يوم الدين، وبعيثك نعمة، ورسولك بالحق رحمة. اللهم افسح له مفسحا في عدلك، واجزه مضاعفات الخير من فضلك، مهنات غير مكدرات، من فوز ثوابك المحلول، وجزل عطائك المعلول، اللهم اعل على بناء البانين بناءه، وأكرم مثواه لديك ونزله، وأتمم له نوره، واجزه من ابتعاثك له مقبول الشهادة، مرضى المقالة، ذا منطق عدل، وخطه فصل، وبرهان عظيم.
قال ابن قتيبة: داحي المدحوات، أي باسط الأرضين، وكان الله تعالى خلقها ربوة ثم بسطها: قال سبحانه: ﴿والأرض بعد ذلك دحاها﴾ (1) وكل شئ بسطته فقد دحوته ومنه قيل لموضع بيض النعامة: أدحى، لأنها تدحوه للبيض أي توسعه، ووزنه إفعول.
وبارئ المسموكات: خالق السماوات. وكل شئ رفعته وأعليته فقد سمكته، وسمك البيت والحائط ارتفاعه، قال الفرزدق:
إن الذي سمك السماء بنى لنا * بيتا دعائمه أعز وأطول