(183) الأصل:
ثمرة التفريط الندامة، وثمرة الحزم السلامة.
* * * الشرح:
قد سبق من الكلام في الحزم والتفريط ما فيه كفاية. وكان يقال: الحزم ملكة يوجبها كثرة التجارب، وأصله قوة العقل، فإن العاقل خائف أبدا، والأحمق لا يخاف، وإن خاف كان قليل الخوف، ومن خاف أمرا توقاه، فهذا هو الحزم.
وكان أبو الأسود الدؤلي من عقلاء الرجال وذوي الحزم والرأي، وحكى أبو العباس المبرد قال: قال زياد لأبي الأسود - وقد أسن -: لولا ضعفك لاستعملناك على بعض أعمالنا، فقال: أللصراع يريدني الأمير! قال زياد: إن للعمل مئونة، ولا أراك إلا تضعف عنه، فقال أبو الأسود:
زعم الأمير أبو المغيرة أنني * شيخ كبير قد دنوت من البلى صدق الأمير لقد كبرت وإنما * نال المكارم من يدب على العصا يا با المغيرة رب أمر مبهم * فرجته بالحزم منى والدها وكان يقال: من الحزم والتوقي ترك الافراط في التوقي.
لما نزل بمعاوية الموت وقدم عليه يزيد ابنه فرآه مسكتا لا يتكلم، بكى وأنشد:
لو فات شئ يرى لفات أبو: حيان لا عاجز ولا وكل الحول القلب الأريب ولا تدفع يوم المنية الحيل