شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٨ - الصفحة ٤٠٨
في القوم غلام من قريش جالسا، فتحمل الكلمة إلى معاوية، فقال معاوية: أنت سمعت هانئا يقولها؟ قال: نعم، قال: فاخرج فأت حلقته، فإذا خف الناس عنه فقل له: أيها الشيخ، قد وصلت كلمتك إلى معاوية، ولست في زمن أبى بكر وعمر، ولا أحب أن تتكلم بهذا الكلام فإنهم بنو أمية، وقد عرفت جرأتهم وإقدامهم، ولم يدعني إلى هذا القول لك إلا النصيحة والاشفاق عليك، فانظر ما يقول، فأتني به.
فأقبل الفتى إلى مجلس هانئ، فلما خف من عنده دنا منه فقص عليه الكلام وأخرجه مخرج النصيحة له، فقال هانئ: والله يا بن أخي ما بلغت نصيحتك كل ما أسمع، وإن هذا الكلام لكلام معاوية أعرفه! فقال الفتى: وما أنا ومعاوية! والله ما يعرفني، قال: فلا عليك، إذا لقيته فقل له: يقول لك هانئ: والله ما إلى ذلك من سبيل، انهض يا بن أخي راشدا!
فقام الفتى فدخل على معاوية فأعلمه، فقال: نستعين بالله عليه.
ثم قال معاوية بعد أيام للوفد: ارفعوا حوائجكم - وهانئ فيهم - فعرض عليه كتابه فيه ذكر حوائجه، فقال: يا هانئ، ما أراك صنعت شيئا، زد فقام، هانئ فلم يدع حاجة عرضت له إلا وذكرها، ثم عرض عليه الكتاب فقال: أراك قصرت فيما طلبت، زد، فقام هانئ فلم يدع حاجة لقومه ولا لأهل مصره إلا ذكرها، ثم عرض عليه الكتاب، فقال: ما صنعت شيئا، زد، فقال: يا أمير المؤمنين، حاجة بقيت، قال: ما هي؟ قال:
أن أتولى أخذ البيعة ليزيد ابن أمير المؤمنين بالعراق، قال: افعل، فما زلت لمثل ذلك أهلا، فلما قدم هانئ العراق قام بأمر البيعة ليزيد بمعونة من المغيرة بن شعبة وهو الوالي بالعراق يومئذ.
(٤٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 403 404 405 406 407 408 409 410 411 412 413 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ذكر بقية الخبر عن فتح مكة 7
2 65 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 22
3 66 - من كتاب له عليه السلام كتبه إلى عبد الله بن العباس 28
4 67 - من كتاب له عليه السلام كتبه إلى قثم بن العباس وهو عامله على مكة 30
5 68 - من كتاب له عليه السلام كتبه إلى سلمان الفارسي قبل أيام خلافته 34
6 سلمان الفارسي وخبر إسلامه 34
7 69 - من كتاب له عليه السلام كتبه إلى الحارث الهمداني 41
8 الحارث الأعور ونسبه 42
9 نبذ من الأقوال الحكيمة 43
10 70 - من كتاب له عليه السلام إلى سهل بن حنيف وهو عامله على المدينة 52
11 71 - من كتاب له عليه السلام إلى المنذر بن الجارود 54
12 ذكر المنذر وأبيه الجارود 55
13 72 - من كتاب له عليه السلام إلى عبد الله بن العباس 60
14 73 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 62
15 74 - من حلف له عليه السلام كتبه بين ربيعة واليمن 66
16 75 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية من المدينة في أول ما بويع له بالخلاف 68
17 76 - من وصية له عليه السلام لعبد الله بن العباس عند استخلافه إياه على البصرة 70
18 77 - من وصية له عليه السلام لعبد الله بن العباس أيضا لما بعثه للاحتجاج على الخوارج 71
19 78 - من كتاب له عليه السلام أجاب به أبا موسى الأشعري عن كتاب كتبه إليه 74
20 79 - من كتاب له عليه السلام لما استخلف إلى أمراء الأجناد حكمه عليه السلام ومواعظه، ويدخل في ذلك المختار من أجوبة مسائله وكلامه 77
21 القصير في سائر أغراضه 82
22 نبذ مما قيل في الشيب والخضاب 123
23 نبذ مما قيل في المروءة 128
24 نبذ وحكايات مما وقع بين يدي الملوك 143
25 في مجلس قتيبة بن مسلم الباهلي 152
26 أقوال وحكايات حول الحمقى والمغفلين 159
27 خباب بن الأرت 171
28 محمد بن جعفر والمنصور 206
29 محنة ابن المقنع 269
30 فصل في نسب بني مخزوم وطرف من أخبارهم 285
31 نوادر المكثرين من الأكل 397
32 سعة الصدر وما ورد في ذلك من حكايات 407