وأما الحكاية الثانية:
كان مال حمل من اليمن إلى معاوية فلما مر بالمدينة وثب عليه الحسين بن علي (عليه السلام)، فأخذه وقسمه في أهل بيته ومواليه، وكتب إلى معاوية: من الحسين بن علي إلى معاوية بن أبي سفيان، أما بعد، فإن عيرا مرت بنا من اليمن تحمل مالا وحللا وعنبرا وطيبا إليك لتودعها خزائن دمشق وتعل بها بعد النهل بنى أبيك، وإني احتجت إليها فأخذتها. و السلام.
فكتب إليه معاوية: من عند عبد الله معاوية أمير المؤمنين إلى الحسين بن علي:
سلام، عليك، أما بعد، فإن كتابك ورد على تذكر أن عيرا مرت بك من اليمن تحمل مالا وحللا وعنبرا وطيبا إلى لأودعها خزائن دمشق، وأعل بها بعد النهل بنى أبى، وأنك احتجت إليها فأخذتها ولم تكن جديرا بأخذها إذ نسبتها إلى لان الوالي أحق بالمال، ثم عليه المخرج منه، وأيم الله لو ترك ذلك حتى صار إلى، لم أبخسك حظك منه، ولكني قد ظننت يا بن أخي أن في رأسك نزوة وبودي أن يكون ذلك في زماني فأعرف لك قدرك، وأتجاوز عن ذلك، ولكني والله أتخوف أن تبتلى بمن ولا ينظرك فواق ناقة، وكتب في أسفل كتابه:
يا حسين بن علي أو ليس ما * جئت بالسائغ يوما في العلل أخذك المال ولم تؤمر به * إن هذا من حسين لعجل قد أجزناها ولم نغضب لها * واحتملنا من حسين ما فعل يا حسين بن علي ذا الامل لك بعدي وثبة لا تحتمل وبودي أنني شاهدها * فأليها منك بالخلق الاجل إنني أرهب أن تصلى بمن * عنده قد سبق السيف العذل وهذه سعة صدر وفراسة صادقة.