(163) الأصل:
من استبد برأيه هلك، ومن شاور الرجال شاركها في عقولها.
* * * الشرح:
قد تقدم لنا قول كاف في المشورة مدحا وذما.
وكان عبد الملك بن صالح الهاشمي يذمها ويقول: ما استشرت واحدا قط إلا تكبر على وتصاغرت له، ودخلته العزة ودخلتني الذلة، فإياك والمشورة وإن ضاقت عليك المذاهب، واشتبهت عليك المسائل، وأداك الاستبداد إلى الخطأ الفادح.
وكان عبد الله بن طاهر يذهب إلى هذا المذهب، و يقول: ما حك جلدك مثل ظفرك، ولإن أخطئ مع الاستبداد ألف خطأ، أحب إلى من أن أستشير وأرى بعين النقص والحاجة.
وكان يقال: الاستشارة إذاعة السر، و مخاطرة بالامر الذي ترومه بالمشاورة، فرب مستشار أذاع عنك ما كان فيه فساد تدبيرك.
وأما المادحون للمشورة فكثير جدا. وقالوا: خاطر من استبد برأيه.
وقالوا: المشورة راحة لك، وتعب على غيرك.
وقالوا: من أكثر من المشورة لم يعدم عند الصواب مادحا، وعند الخطأ عاذرا.