ثم قال مخاطبا أصحابه الموجودين حوله أيها الناس، ألقوا هذه الأزمة التي تحمل ظهورها الأثقال عن أيديكم هذه كناية عن النهى عن ارتكاب القبيح وما يوجب الاثم والعقاب. والظهور ها هنا هي الإبل أنفسها والأثقال المآثم وإلقاء الأزمة ترك اعتماد القبيح، فهذا عمومه، واما خصوصه فتعريض بما كان عليه أصحابه من الغدر ومخامرة العدو عليه، وإضمار الغل والغش له، وعصيانه والتلوي عليه، وقد فسره بما بعده فقال (ولا تصدعوا عن سلطانكم) أي لا تفرقوا، (فتذموا غب فعالكم) أي عاقبته.
ثم نهاهم عن اقتحام ما استقبلوه من فور نار الفتنة وفور النار غليانها واحتدامها ويروى (ما استقبلكم).
ثم قال (وأميطوا عن سننها) أي تنحوا عن طريقها، وخلوا قصد السبيل لها، أي دعوها تسلك طريقها ولا تقفوا لها فيه فتكونوا حطبا لنارها.
ثم ذكر انه قد يهلك المؤمن في لهبها، ويسلم فيه الكافر، كما قيل المؤمن ملقى والكافر موقى.
ثم ذكر أن مثله فيهم كالسرج يستضئ بها من ولجها; أي دخل في ضوئها.
وآذان قلوبكم; كلمه مستعارة، جعل للقلب آذانا كما جعل الشاعر للقلوب أبصارا، فقال:
يدق على النواظر ما أتاه * فتبصره بأبصار القلوب