فطعن في أعرض الخيل مليا. ثم إن همدان تنادت بشعارها. وأقحم سعيد بن قيس فرسه على معاوية، واشتد القتال حتى حجز بينهم الليل، فهمدان تذكر أن سعيدا كاد يقتنصه، إلا أنه فاته ركضا، وقال سعيد في ذلك:
يا لهف نفسي فاتني معاوية * فوق طمر كالعقاب هاوية * والراقصات لا يعود ثانية (1) " قال نصر: وأنصرف معاوية ذلك اليوم، ولم يصنع شيئا، وغدا عمرو بن العاص في اليوم الثاني في حماة الخيل، فقصد المرقال، ومع المرقال لواء علي عليه السلام الأعظم في حماة الناس، [وكان عمرو من فرسان قريش] (2)، فارتجز عمرو، فقال:
لا عيش إن لم ألق يوما هاشما * ذاك الذي جشمني المجاشما (3) ذاك الذي يشتم عرضي ظالما * ذاك الذي إن ينج منى سالما * يكن شجى حتى الممات لازما * فطعن في أعراض الخيل مزبدا، وحمل المرقال عليه، وارتجز فقال:
لا عيش إن لم ألق يوما عمرا * ذاك الذي أحدث فينا الغدرا أو يبدل الله بأمر أمرا (4) * لا تجزعي يا نفس صبرا صبرا ضربا هذا ذيك وطعنا شزرا (5) * يا ليت ما تجنى يكون القبرا!