شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٨ - الصفحة ٧
ثم دعا على أهل الشام إن ردوا الحق بأن يفض الله جماعتهم، أي يهزمهم. ويشتت، أي يفرق كلمتهم، وان يبسلهم بخطاياهم أي يسلمهم لأجل خطاياهم التي اقترفوها ولا ينصرهم. أبسلت فلانا، إذا أسلمته إلى الهلكة، فهو مبسل، قال تعالى: ﴿ان تبسل نفس﴾ (1)، أي تسلم، وقال: (أولئك الذين أبسلوا بما كسبوا)، أي أسلموا للهلاك لأجل ما اكتسبوه من الاثم، وهذه الألفاظ كلها لا يتلو بعضها بعضا، وإنما هي منتزعة من كلام طويل انتزعها الرضى رحمه الله واطرح ما عداها.
الأصل:
إنهم لن يزولوا عن مواقفهم دون طعن دراك، يخرج منه النسيم، وضرب يفلق الهام، ويطيح العظام، ويندر السواعد والاقدام. وحتى يرموا بالمناسر تتبعها المناسر، ويرجموا بالكتائب تقفوها الحلائب. وحتى يجر ببلادهم الخميس يتلوه الخميس. وحتى تدعق الخيول في نواحر أرضهم، وبأعنان مساربهم ومسارحهم.
قال الشريف الرضى رحمه الله تعالى:
أقول: الدعق: الدق، أي تدق الخيول بحوافرها أرضهم. ونواحر أرضهم:
متقابلاتها، ويقال منازل بنى فلان تتناحر أي تتقابل.
الشرح:
طعن دراك، أي متتابع يتلو بعضه بعضا. ويخرج منه النسيم، أي لسعته، ومن هذا النحو قول الشاعر:

(٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 124 - من كلام له عليه السلام في حث أصحابه على القتال 3
2 عود إلى أخبار صفين 9
3 125 - من كلام له عليه السلام في الخوارج لما أنكروا تحكيم الرجال، ويذم فيه أصحابه في التحكيم 103
4 126 - من كلام له عليه السلام لما عوتب على التسوية في العطاء وتصبيره الناس أسوة في العطاء من غير تفضيل أولى السابقات والشرف 109
5 127 - من كلام له عليه السلام في الاحتجاج على الخوارج والنهى عن الفرقة 112
6 مذهب الخوارج في تكفير أهل الكبائر 113
7 فصل في ذكر الغلاة من الشيعة والنصيرية وغيرهم 119
8 128 - من كلام له عليه السلام فيما يخبر به عن الملاحم بالبصرة 125
9 أخبار صاحب الزنج وفتنته وما انتحله من عقائد 126
10 فصل في ذكر جنكز خان وفتنة التتر 218
11 129 - من خطبة له في ذكر المكاييل والموازين 244
12 نبذ من أقول الصالحين والحكماء 246
13 130 - من كلام له عليه السلام لأبي ذر رحمة الله لما أخرج إلى الربذة 252
14 131 - من كلامه له عليه السلام في حال نفسه وأوصاف الإمام 263
15 132 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه 268
16 133 - من خطبة له عليه السلام في صفة القرآن وصفة النبي وأوصاف الدنيا 272
17 فصل في الجناس وذكر أنواعه 276
18 134 - ومن كلام له عليه السلام وقد شاوره عمر بن الخطاب في الخروج 296
19 غزوة فلسطين وفتح بيت المقدس 298
20 135 - ومن كلام له عليه السلام وقد وقع بينه وبين عثمان مشاجرة 301
21 فصل في نسب ثقيف وطرف من أخبارهم 303