قال ومعنى قول النبي صلى الله عليه وسلم (اعرف عفاصها ووكاءها معها - [والله أعلم - لان يؤدي عفاصها ووكاءها معها] وليعلم إذا وضعها في ماله انها لقطة وقد يكون استدل بذلك على صدق المعرف أرأيت لو وصفها عشرة ايعطونها كلهم ونحن نعلم أن كلهم كاذب الا واحد بغير عينه يمكن ان يكون صادقا وقد قال أبو حنيفة ان كانت اللقطة دنانير أو دراهم فسمى طالبها وزنها وعددها وعفاصها ووكاءها دفعها إليه ان شاء واخذه بها كفيلا قال أبو عمر ظاهر الحديث أولى مما قال هؤلاء لان النبي صلى الله عليه وسلم قال للملتقط (اعرف عفاصها ووكاءها فان عرفها صاحبها فادفعها إليه) هكذا قال حماد بن سلمة [وغيره] في الحديث وقد ذكرناه في (التمهيد) واختلفوا فيمن اخذ لقطة ولم يشهد على نفسه انه التقطها وانها عنده ليعرفها ثم هلكت عنده وهو لم يشهد فقال مالك والشافعي وأبو يوسف [ومحمد] لا ضمان عليه إذا هلكت من غير تضييع منه وان كان لم يشهد وهو قول عبد الله بن شبرمة وقال أبو حنيفة وزفر ان اشهد حين اخذها انه يأخذها ليعرفها لم يضمنها ان هلكت وان لم يشهد ضمنها وحجتهما حديث مطرف بن الشخير عن عياض بن حمار قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من التقط لقطة فليشهد ذا عدل أو ذوي عدل وليعرف ولا يكتم ولا يغيب فان جاء صاحبها فهو أحق بها والا فهو مال الله يؤتيه من يشاء) رواه شعبة عن خالد الحذاء قال سمعت يزيد بن عبد الله بن الشخير يحدث عن أخيه مطرف عن عياض بن حمار عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أبو عمر من حجة مالك والشافعي وأبي يوسف ومحمد اجماع العلماء بان المغصوبات لو اشهد الغاصب على نفسه انه غصبها لم يدخلها اشهاده ذلك في حكم الأمانات فكذلك ترك الاشهاد على الأمانات لا يدخلها في حكم المضمونات وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في اللقطة (ان جاء صاحبها والا فلتكن وديعة عندك) في حديث سليمان بن بلال وغيره على ما ذكرناه في (التمهيد) ولا خلاف ان الملتقط امين لا ضمان عليه الا بما تضمن به الأمانات من التعدي والتضييع والاستهلاك
(٢٥١)