وقال الكوفيون الا ان يرفعها إلى السلطان فيعرض ذلك له وقال أبو جعفر الطحاوي لم يوافق مالك أحدا من العلماء على قوله في الشاة ان اكلها واجدها لم يضمنها واجدها في الموضع المخوف واحتجاجه بقوله صلى الله عليه وسلم (هي لك أو لأخيك أو للذئب) لا معنى له لان قوله فهي لك ليس على معنى التمليك كما أنه إذا قال (أو للذئب) لم يرد به التمليك لان الذئب لا يملك وانما يأكلها على ملك صاحبها فينزل على اجر مصيبتها فكذلك الواجد ان اكلها على ملك صاحبها فان جاء ضمنها له قال أبو عمر قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث عبد الله بن عمرو [بن العاص في الشاة] (هي لك أو لأخيك أو للذئب فرد على أخيك ضالته) دليل على أن الشاة على ملك صاحبها فان اكلها أحد ضمنها وقد قال مالك من اضطر إلى طعام غيره [فاكله] فإنه يضمنه والشاة الملتقطة أولى بذلك وقد اجمع العلماء ان صاحبها ان جاء قبل ان يأكلها الواجد لها اخذها منه وكذلك لو ذبحها اخذها منه مذبوحة وكذلك لو اكل بعضها اخذ ما وجد منها وفي اجماعهم على هذا أوضح الدلائل على ملك صاحبها لها بالفلوات وغيرها ولا فرق بين قوله صلى الله عليه وسلم في الشاة (هي لك أو لأخيك أو للذئب) وبين قوله في اللقطة لواجدها (إذا عرفتها سنة ولم يأت صاحبها فشانك بها) بل هذا أشبه [بالتمليك] لأنه لم يذكر معه في لفظ التمليك دينا ولا غيره وقد اجمع علماء المسلمين في اللقطة ان واجدها يغرمها إذا استهلكها بعد الحول ان جاء صاحبها طالبا لها فالشاة أولى بذلك قياسا ونظرا وقد شبه بعض المتأخرين من أصحابنا الشاة الموجودة بالفلاة بالركاز وهذه غفلة شديدة لان الركاز لم يصح عليه ملك لاحد قبل واجده والشاة ملك ربها لها صحيح مجتمع عليه فلا يزول ملكه عنها الا باجماع مثله أو سنة لا اشكال فيها وهذا معدوم في هذه المسالة فوجب الضمان فيها وقد قال سحنون [في المستخرجة] ان اكل الشاة واجدها [بالفلاة] أو تصدق بها ثم جاء صاحبها ضمنها له وهذا هو الصحيح وبالله التوفيق
(٢٥٣)