الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٧ - الصفحة ٢٤٨
الحديث دليل واضح على أن العلة في ذلك خوف التلف والذهاب لا جنس الواهب فلا فرق بين ما ضل بنفسه وما لم يضل بنفسه ولا بين الحيوان وغيره لان المراد من ذلك كله حفظه على صاحبه وخوف ذهابه عنه وانما خص الإبل لأنها إذا تركها واحدها ولم يعرض لها وجدها صاحبها سالمة عند طلبه لها وبحثه عنها لان الذئب لا يخاف عليها في الأغلب من امرها وصبرها عن الماء فوق صبر غيرها من الحيوان والله أعلم بما أراد صلى الله عليه وسلم واختلف الفقهاء في التافه اليسير الملتقط هل يعرف حولا كاملا أم لا فقال مالك ان كان تافها يسيرا تصدق به قبل الحول وقال في مثل المخلاة والحبل والدلو وأشباه ذلك ان كان في طريق وضعه في أقرب الأماكن إليه ليعرف وان كان في مدينة انتفع به وعرفه ولو تصدق به كان أحب إلي فان جاء صاحبه كان علي حقه وقد روى مالك وبن القاسم ان اللقطة تعرف سنة ولم يفرق بين قليلها وكثيرها وروى عيسى عن بن وهب أنه قال ما قل عن ذلك عرفه أياما فإن لم يجد صاحبه تصدق به وان كان غنيا وان كان محتاجا اكله وقال الشافعي يعرف القليل والكثير من ماله بقاء حولا كاملا ولا تنطلق يده على شيء منه قبل الحول بصدقة ولا غيرها فإذا عرفها حولا اكله أو تصدق به فإذا جاءه صاحبه كان غريما في الموت والحياة قال وان كان طعاما لا يبقى فله ان يأكله ويغرمه لربه وقال المزني ومما وجد بخطه أحب إلي ان يبعه ويقيم على تعريفه حولا ثم يأكله قال المزني هذا أولى به لان النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل للملتقط فشانك بها الا بعد السنة ولم يفرق بين القليل والكثير وقال أبو حنيفة وأصحابه ما كان عشرة دراهم فصاعدا عرفه حولا كاملا وما كان دون ذلك عرفه على قدر ما يرى وقال الحسن بن حي كقولهم سواء الا أنه قال ما كان دون عشرة دراهم عرفة ثلاثة أيام
(٢٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 243 244 245 246 247 248 249 250 251 252 253 ... » »»