الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٧ - الصفحة ٢٥٢
ومعنى حديث عياض بن حمار عندي - والله أعلم - ان ملتقط اللقطة إذا لم يعرفها ولم يسلك بها سنتها من الإشادة والاعلان بها وغيب وكتم ثم قامت عليه البينة انه وجد لقطة وانه اخذها وضمها إلى بينه ثم ادعى تلفها فإنه لا يصدق ويضمن لأنه بفعله ذلك فيها خارج عن الأمانة فيضمن الا ان يقيم البينة بتلفها واما إذا عرفها واعلن امرها وسلك فيها سنتها من الإشادة في الأسواق وأبواب الجوامع وشبهها وان لم يشهد فلا ضمان عليه وبالله التوفيق فهذا ما في معنى الحديث في اللقطة واما حكم الضوال من الحيوان فان الفقهاء اختلفوا في ذلك من وجوه فقال مالك في ضالة الغنم ما قرب من القرى فلا يأكلها وضمنها إلى أقرب القرى لتعرف فيها قال ولا يأكلها واجدها ولا من تركت عنده حتى تمر بها سنة كاملة أو أكثر كذا قال بن وهب عنه قال وان كان للشاة صوف أو لبن ووجد من يشتري ذلك منه باعه ودفع ثمنه لصاحب الشاة ان جاء قال مالك ولا أرى باسا ان يصيب من نسلها ولبنها بنحو قيامه عليها قال وان كان تيسا فلا باس ان يتركه ينزو على غنمه ما لم يفسده ذلك هذا كله إذا وجد بقرب القرى من الغنم واما ما كان منها في الفلوات والمهامة فإنه يأخذها وياكلها ولا يعرفها فان جاء صاحبها فليس له شيء لان النبي صلى الله عليه وسلم قال (هي لك أو لأخيك أو للذئب) قال والبقر بمنزلة الغنم إذا خيف عليها فإن لم يخف عليها السباع فهي بمنزلة الإبل وقال الأوزاعي في الشاة ان اكلها واجدها ضمنها لصاحبها وقال الشافعي يأخذ الشاة بالفلاة ويعرفها فإن لم يجئ صاحبها اكلها ثم ضمنها ان جاء وهو قول أبي حنيفة وأصحابه وسائر العلماء قال أبو عمر اتفق أبو حنيفة والشافعي وأصحابهما وأبو ثور واحمد وإسحاق على أن الملتقط للشاة عليه ضمان ما اكل من لبنها وثمن صوفها وقيمة نزواته على ضانه لأنه متطوع بقيامه عليها لا يستحق عليه شيء
(٢٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 247 248 249 250 251 252 253 254 255 256 257 ... » »»