ابن عقبه وأهل السير والترمذي وقال بعضهم النهي عن المثلة نهى تنزيه ليس بحرام وأما قوله يستسقون فلا يسقون فليس فيه أن النبي (صلى الله عليه وسلم) أمر بذلك ولا نهى عن سقيهم قال القاضي وقد أجمع المسلمون على أن من وجب عليه القتل فاستسقى لا يمنع الماء قصدا فيجمع عليه عذابان قلت قد ذكر في هذا الحديث الصحيح أنهم قتلوا الرعاة وارتدوا عن الإسلام وحينئذ لا يبقى لهم حرمة في سقى الماء ولا غيره وقد قال أصحابنا لا يجوز لمن معه من الماء ما يحتاج إليه للطهارة أن يسقيه لمرتد يخاف الموت من العطش ويتيمم ولو كان ذميا أو يهيمة وجب سقيه ولم يجز الوضوء به حينئذ والله أعلم قوله (أن ناسا من عرينة) هي بضم العين المهملة وفتح الراء وآخرها نون ثم هاء وهي قبيلة معروفة قوله (قدموا المدينة فاجتووها) هي بالجيم والمثناة فوق ومعناه استوخموها كما فسره في الرواية الأخرى أي لم توافقهم وكرهوها لسقم أصابهم قالوا وهو مشتق من الجوى وهو داء في الجوف قوله (صلى الله عليه وسلم) (إن شئتم أن تخرجوا إلى إبل الصدقة فتشربوا من ألبانها وأبوالها ففعلوا فصحوا) في هذا الحديث أنها إبل الصدقة وفي غير مسلم أنها لقاح النبي (صلى الله عليه وسلم) وكلاهما صحيح فكان بعض الإبل للصدقة وبعضها للنبي (صلى الله عليه وسلم) واستدل أصحاب مالك وأحمد بهذا الحديث أن بول ما يؤكل لحمة وروثه طاهران وأجاب أصحابنا وغيرهم من القائلين بنجاستهما بأن شربهم الأبوال كان للتداوي وهو جائز بكل النجاسات سوى الخمر والمسكرات فإن قيل كيف أذن لهم في شرب لبن الصدقة فالجواب أن ألبانها للمحتاجين من المسلمين وهؤلاء إذ ذاك منهم قوله (ثم مالوا على الرعاة فقتلوهم) وفي بعض الأصول المعتمدة الرعاء وهما لغتان يقال راع ورعاه كقاض وقضاة وراع ورعاء بكسر الراء
(١٥٤)