السقيفة وفدك - الجوهري - الصفحة ٩٥
فخذيها، وسمعت حفزا شديدا، وسمعت نفسا عاليا، فقال عمر: أرأيته يدخله ويخرجه كالميل في المكحلة؟ قال: لا. فقال عمر: الله أكبر. قم يا مغيرة إليهم فاضربهم، فجاء المغيرة إلى أبي بكرة فضربه ثمانين وضرب الباقين.
وروى قوم أن الضارب لهم الحد لم يكن المغيرة، وأعجب عمر قول زياد، ودرأ الحد عن المغيرة، فقال أبو بكرة بعد أن ضرب: أشهد أن المغيرة فعل كذا وكذا، فهم عمر بضربه فقال له علي (عليه السلام): إن ضربته رجمت صاحبك، ونهاه عن ذلك.
فاستتاب عمر، أبا بكرة فقال: إنما تستتيبني لتقبل شهادتي، قال:
أجل، قال: فإني لا أشهد بين اثنين ما بقيت في الدنيا، قال: فلما ضربوا الحد قال المغيرة: الله أكبر، الحمد لله الذي أخزاكم، فقال عمر: اسكت أخزى الله مكانا رأوك فيه.
وأقام أبو بكرة على قوله، وكان يقول: والله ما أنسى قط فخذيها، وتاب الاثنان فقبل شهادتهما، وكان أبو بكرة بعد ذلك إذا طلب إلى شهادة قال: اطلبوا غيري، فإن زيادا أفسد علي شهادتي.
وكانت الرقطاء التي رمي المغيرة تختلف إليه في أيام إمارته الكوفة، في خلافة معاوية في حوائجها فيقضيها لها.

(١) ابن أبي الحديد ١٢: ٢٣٤. وروى القصة أبو الفرج الأصفهاني في كتابه الأغاني ١٤: ١٤٥ وفيه: حدثني أحمد بن عبد العزيز الجوهري. تاريخ الطبري ٤: ٧ ٢. فتوح البلدان: ٣٥٢. الكامل ٢: ٢٢٨. البداية والنهاية ٧: ٨١. عمدة القارئ ٦: ٣٤. الغدير ٦: ١٣٧. وفيات الأعيان ٦: ٣٦٤. إفحام الأعداء والخصوم 1: خ. سنن البيهقي 8: 235.
وكانت الرقطاء هذه مغنية من أضرب الناس على آلات اللهو والطرب، وقال حسان بن ثابت يهجو المغيرة بن شعبة في هذه القصة:
لو أن اللوم ينسب كان عبدا * قبيح الوجه أعود من ثقيف تركت الدين والإسلام لما * بدت لك غدوة ذات النصيف وراجعت الصبا وذكرت لهوا * من القينات والعمر اللطيف مات المغيرة بن شعبة بالكوفة سنة خمسين في خلافة معاوية وهو ابن سبعين سنة وكان رجلا طوالا أصيبت عينه يوم اليرموك.
(٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 90 91 92 93 94 95 97 99 100 101 102 ... » »»
الفهرست