السقيفة وفدك - الجوهري - الصفحة ٨٢
قال: من ذا؟ فقلت: الحارثي فيقول: ادخل، فدخلت يوما فإذا عثمان جالس وحوله نفر سكوت لا يتكلمون، كأن على رؤوسهم الطير، فسلمت ثم جلست، فلم أسأله عن شئ لما رأيت من حالهم وحاله، فبينما أنا كذلك إذ جاء نفر فقالوا: أنه أبى أن يجئ قال: فغضب وقال: أبى أن يجئ، اذهبوا فجيئوا به، فإن أبى فجروه جرا.
قال: فمكثت قليلا فجاءوا ومعهم رجل آدم طوال أصلع، في مقدم رأسه شعرات، وفي قفاه شعرات، فقلت: من هذا، قالوا: عمار بن ياسر، فقال له عثمان: أنت الذي تأتيك رسلنا فتأبى أن تجئ، قال: فكلمه بشئ لم أدر ما هو، ثم خرج، فما زالوا ينفضون من عنده حتى ما بقي غيري فقام، فقلت: والله لا أسأل عن هذا الأمر أحدا أقول حدثني فلا حتى أدري ما يصنع، فتبعته حتى دخل المسجد، فإذا عمار جالس إلى سارية وحوله نفر من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يبكون، فقال عثمان: يا وتاب علي بالشرط، فجاءوا فقال: فرقوا بين هؤلاء، ففرقوا بينهم.
ثم أقيمت الصلاة، فتقدم عثمان فصلى بهم، فلما كبر قالت امرأة من حجرتها: يا أيها الناس، ثم تكلمت، وذكر رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وما بعثه الله به، ثم قالت: تركتم أمر الله. وخالفتم عهده ونحو هذا، ثم صمتت، وتكلمت امرأة أخرى بمثل ذلك، فإذا هما عائشة، وحفصة.
قال: فسلم عثمان، ثم أقبل على الناس وقال: إن هاتين لفتانتان، يحل لي سبهما، وأنا بأصلهما عالم.
فقال له سعد بن أبي وقاص: أتقول هذا الحبائب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقال: وفيم أنت، وما هاهنا، ثم أقبل نحو سعد عامدا ليضربه به فانسل سعد.
فخرج من المسجد فأتبعه عثمان، فلقي عليا (عليه السلام) بباب المسجد، فقال له (عليه السلام): أين تريد؟ قال: أريد هذا الذي كذا وكذا - يعني سعدا يشتمه - فقال له علي (عليه السلام): أيها الرجل دع عنك
(٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 ... » »»
الفهرست