السقيفة وفدك - الجوهري - الصفحة ٨٠
الناس عليهما، فسيرني إلى بلد ليس لي به ناصر ولا دافع إلا الله، والله ما أريد إلا الله صاحبا، وما أخشى مع الله وحشة.
ورجع القوم إلى المدينة، فجاء علي (عليه السلام) إلى عثمان، فقال له: ما حملك على رد رسولي، وتصغير أمري، فقال علي (عليه السلام): أما رسولك، فأراد أن يرد وجهي فرددته، وأما أمرك فلم أصغره.
قال: أما بلغك نهي عن كلام أبي ذر، قال: أو كلما أمرت بأمر معصية أطعناك فيه، قال عثمان: أقد مروان من نفسك، قال: مم ذا؟ قال: من شتمه وجذب راحلته، قال: أما راحلته فراحلتي بها، وأما شتمه إياي، فوالله لا يشتمني شتمة إلا شتمتك مثلها، لا أكذب عليك.
فغضب عثمان، وقال: لم لا يشتمك، كأنك خير منه، قال علي: أي والله ومنك ثم قام فخرج.
فأرسل عثمان إلى وجوه المهاجرين والأنصار وإلى بني أمية، يشكوا إليهم عليا (عليهم السلام)، فقال القوم: أنت الوالي عليه، وإصلاحه أجمل، قال: وددت ذاك، فأتوا عليا (عليه السلام)، فقالوا: لو اعتذرت إلى مروان وأتيته، فقال: كلا، أما مروان فلا آتيه، ولا أعتذر منه، ولكن إن أحب عثمان أتيته.
فرجعوا إلى عثمان، فأخبروه، فأرسل عثمان إليه، فأتاه ومعه بنو هاشم، فتكلم علي (عليه السلام)، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما ما وجدت علي فيه من كلام أبي ذر ووداعه، فوالله ما أردت مساءتك ولا الخلاف عليك، ولكن أردت به قضاء حقه، وأما مروان فإنه اعترض، يريد ردي عن قضاء حق الله عز وجل، فرددته رد مثلي مثله، وأما ما كان مني إليك، فإنك أغضبتني، فأخرج الغضب مني ما لم أوده.
فتكلم عثمان، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما ما كان منك إلي فقد وهبته لك، وأما ما كان منك إلى مروان، فقد عفا الله عنك، وأما ما حلفت عليه فأنت البر الصادق، فأدن يدك، فأخذ يده فضمها إلى صدره.
فلما نهض قالت قريش وبنو أمية لمروان: أأنت رجل، جبهك علي،
(٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 ... » »»
الفهرست