نهج السعادة - الشيخ المحمودي - ج ٦ - الصفحة ٣١٥
الكواكب والنجوم، وجعلت ساكنه سبطا من الملائكة لا يسأمون العبادة، ورب هذه الأرض التي جعلتها قرارا للناس والأنعام والهوام وما نعلم ما لا نعلم مما يرى ومما لا يرى من خلقك العظيم، ورب الجبال التي جعلتها للأرض أوتادا وللخلق متاعا ورب البحر المسجور المحيط بالعالم، ورب السحاب المسخر بين السماء والأرض، ورب الفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس، إن أظفرتنا على عدونا فجنبنا الكبر، وسددنا للرشد، وان أظفرتهم علينا فارزقنا الشهادة، واعصم بقية أصحابي من الفتنة (2).

(2) ومثله في رواية نصر بن مزاحم، وفي نهج البلاغة: (وان أظهرتهم علينا فارزقنا الشهادة، واعصمنا من الفتنة، أين المانع للذمار والغائر عند نزول الحقائق من أهل الحفاظ العار وراؤكم، والجنة أمامكم).
أقول: الذمار - كحمار -: ما يلزم الرجل حفظه من الأهل والعشيرة وما ينتسب إليه، والغائر مأخوذ من قولهم: (غار على امرأته أو قرينه) إذا تغيظ واستشاط غضبا أن يمسها أجنبي. والحقائق - هنا -: النوازل الثابتة التي لا تقلع إلا بعلو الهمة، وسمو العزيمة. و (من) بيانية، والحفاظ: الوفاء ورعاية الذمم.
وقوله عليه السلام: (العار وراؤكم والجنة أمامكم). ما أفصحه من كلام وأجوده من ذيل يقصر البيان عن تبيين لطافته، ويقصر البنان عن شرح مزاياه وكتابة ما فيه، شدة لصوقه واتصاله بما قبله، وما فيه من المعنى البديع. والظاهر أن المراد من العار هو معناه المطلق الشامل للعامل الشرعي، من ترك الواجب، أو ارتكاب محرم - لا خصوص معناه العرفي اللحوظ عند سواد الناس - وذلك لكون إرادة الاطلاق أو في للغرض الباعث على الحث والتحضيض، والبعث والتحريض
(٣١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 310 311 312 313 314 315 316 317 318 319 320 ... » »»
الفهرست