[١٤٠٨٠] ٦ - ابن شعبة الحراني رفعه إلى
أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: إني أحذركم الدنيا فإنها حلوة خضرة حفت بالشهوات وتحببت بالعاجلة وعمرت بالآمال وتزينت بالغرور، لا تدوم حبرتها ولا تؤمن فجعتها غرارة ضرارة زائلة نافذة أكالة غوالة لا تعدو - إذا هي تناهت إلى أمنية أهل الرغبة فيها والرضى بها - أن تكون كما قال الله سبحانه:
﴿كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض فأصبح هشيما تذروه الرياح وكان الله على كل شيء مقتدرا﴾ (1) مع أن امرءا لم يكن منها في حبرة إلا أعقبته عبرة ولم يلق من سرائها بطنا إلا منحته من ضرائها ظهرا ولم تطله فيها ديمة رخاء إلا هتفت عليه مزنة بلاء، إذا هي أصبحت منتصرة لم تأمن أن تمسي له منكرة وان جانب منها اعذوذب لامرء واحلولى، أمر عليه جانب منها فاوبى وما أمسى امرؤ منها في جناح أمن إلا أصبح في أخوف
خوف غرارة غرور ما فيها فانية فان من عليها، لا خير في شيء من زادها إلا التقوى من أقل منها استكثر مما يؤمنه ومن استكثر منها لم يدم له وزال عما قليل عنه، كم من واثق بها قد فجعته وذي طمأنينة إليها قد صرعته وذي حذر قد خدعته وكم ذي أبهة فيها قد صيرته حقيرا وذي نخوة قد ردته جائعا فقيرا وكم ذي تاج قد أكبته لليدين والفم، سلطانها ذل وعيشها رنق وعذبها أجاج وحلوها
صبر، حيها بعرض موت، وصحيحها بعرض سقم، ومنيعها بعرض اهتضام، وملكها مسلوب وعزيزها مغلوب وأمنها منكوب وجارها محروب ومن وراء ذلك سكرات
الموت وزفراته وهول المطلع
والوقوف بين يدي الحاكم العدل ليجزي الذين أساؤا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى، ألستم في مساكن من كان أطول منكم أعمارا وأبين آثارا وأعد منكم عديدا وأكثف منكم جنودا وأشد منكم عنودا، تعبدوا للدينا أي تعبد وآثروها أي إيثار ثم ظعنوا عنها بالصغار، أفبهذه تؤثرون أم على هذه تحرصون أم إليها تطمئنون يقول الله: (من كان يريد