وذلك حين رجع من حجة الوداع فوقف علينا فسلم فرددنا عليه السلام ثم قال: ما لي أرى حب الدنيا قد غلب على كثير من الناس حتى كأن الموت في هذه الدنيا على غيرهم كتب، وكأن الحق في هذه الدنيا على غيرهم وجب، وحتى كأن لم يسمعوا ويروا من خبر الأموات قبلهم، سبيلهم سبيل قوم سفر عما قليل إليهم راجعون، بيوتهم أجداثهم ويأكلون تراثهم فيظنون أنهم مخلدون بعدهم، هيهات هيهات أما يتعظ آخرهم بأولهم؟ لقد جهلوا ونسوا كل واعظ في كتاب الله وآمنوا شر كل عاقبة سوء ولم يخافوا نزول فادحة وبوائق حادثة طوبى لمن شغله خوف الله عز وجل عن خوف الناس، طوبى لمن منعه عيبه عن عيوب المؤمنين من إخوانه، طوبى لمن تواضع لله عز ذكره وزهد فيما أحل الله له من غير رغبة عن سيرتي ورفض زهرة الدنيا من غير تحول عن سنتي واتبع الأخيار من عترتي من بعدي وجانب أهل الخيلاء والتفاخر والرغبة في الدنيا المبتدعين خلاف سنتي، العاملين بغير سيرتي، طوبى لمن اكتسب من المؤمنين مالا من غير معصية فأنفقه في غير معصية وعاد به على أهل المسكنة، طوبى لمن حسن مع الناس خلقه وبذل لهم معونته وعدل عنهم شره، طوبى لمن أنفق القصد وبذل الفضل وأمسك قوله عن الفضول وقبيح الفعل (1).
[11139] 8 - الكليني، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، وسهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن جميل بن صالح، عن بريد بن معاوية، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال:
قال علي بن الحسين صلوات الله عليهما: لينفق الرجل بالقصد وبلغة الكفاف ويقدم منه فضلا لآخرته فإن ذلك أبقى للنعمة وأقرب إلى المزيد من الله عز وجل وأنفع في العافية (2).
الرواية صحيحة الإسناد.