دراسات في علم الدراية - علي أكبر غفاري - الصفحة ٦٦
قال فيها: " رأيت هذا الشيخ وكان صديقا لي ولوالدي، سمعت منه شيئا كثيرا، ورأيت شيوخنا يضعفونه فلم أرو عنه شيئا وتجنبته - الخ ". وهذا مبالغة في التحرز.
الأمر الثاني: أنه قال في البداية وغيرها: " إن طريق ما يعلم به الإرسال في الحديث أمران، جلي وخفي:
فالأول: بعد التلاقي بين الراوي والمروي عنه، إما لكونه لم يدرك عصره، أو أدركه ولكن لم يجتمعا وليست له منه إجازة ولا وجادة، ومن ثم احتيج إلى التاريخ لتضمنه تحرير مواليد الرواة وفاتهم، وأوقات طلبهم وارتحالهم، وقد افتضح أقوام ادعوا الرواية عن شيوخ ظهر بالتاريخ كذب دعواهم.
والثاني: أن يعبر في الرواية عن المروي عنه بصيغة تحتمل اللقاء، وعدمه، مع عدم اللقاء في الواقع، ك‍ " عن فلان " و " قال فلان كذا "، فإنهما وإن استعملا في حالة يكون قد حدثه، يحتملان كونه حدث غيره، فإذا ظهر بالتثبت كونه غير راو عنه، تبين الإرسال، وهو ضرب من التدليس، وسيأتي إن شاء الله تعالى.
ومنها: المعلل وله إطلاقان:
أحدهما: اصطلاح أواخر الفقهاء - رضي الله عنهم - فإنهم يطلقونه على حديث اشتمل على ذكر علة الحكم وسببه، تامة كانت العلة كما في موارد تتعدى بها إلى غير المنصوص لوجودها فيه كإسكار الخمر، أو ناقصة وهو المسمى بالوجه والمصلحة كرفع أرياح الآباط في غسل الجمعة ونحوه مما يقرب إلى حد تعذر الضبط.
ثانيها: اصطلاح المحدثين وأهل الدراية، فإنهم يطلقونه على حديث اشتمل على أمر خفي غامض في متنه أو سنده في نفس الأمر قادح في اعتباره مع كون ظاهره السلامة بل الصحة.
فهو بهذا الإطلاق مأخوذ من العلة بمعنى المرض، وبالإطلاق الأول من العلة بمعنى السبب، كما أنه بهذا الإطلاق من أوصاف الحديث الضعيف، وأما على الإطلاق الأول فهو من الأوصاف المشتركة بين الأنواع الأربعة، ويسمي بالإطلاق الثاني بالمعلول أيضا، كما صرح به جمع وليتهم سموه بالاطلاق الثاني معلولا من العلة بمعنى المرض، وبالإطلاق الأول معللا حتى يفترقا.
(٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 ... » »»