دراسات في علم الدراية - علي أكبر غفاري - الصفحة ٦٢
ورد مضافا إلى عدم تماميته فيما إذا أبهم الواسطة، بأن غاية ما يفيده الدليل هو كشف نسبة المرسل الحديث إلى المعصوم عليه السلام عن عدالة الواسطة، وغايته الشهادة منه بوثاقة مجهول العين، وذلك غير مجد لاحتمال أن له جارحا.
ثالثها: أن علة التثبت في الخبر هو الفسق، وهو منتف هنا.
وفيه أن العلة احتمال الفسق وهو موجود هنا، دون نفس الفسق حتى تنفى عند الشك فيه.
وأمتن حجج المانعين أن شرط جواز قبول الرواية معرفة عدالة الراوي، ولم - يثبت، لعدم دلالة رواية العدل عليه كما عرفت، فينتفي المشروط وهو جواز القبول، فعدم حجية المرسل أقوى.
نعم، يستثنى من ذلك ما إذا كان المرسل متلقى بين الأصحاب بالقبول، فإنه حجة على الأظهر لكشف عملهم به وتلقيهم له بالقبول عن قرينة قوية على صدقه وصدوره عن المعصوم فلا يقصر عن المسند الصحيح.
ثم إن جمعا من المانعين منهم الشيخ في العدة، والعلامة في النهاية، والشهيد في الذكرى، والمحقق البهائي في الزبدة، وجمع من الفقهاء الأواخر ككاشف الرموز، والمحقق الأردبيلي، وصاحب الذخيرة، والشيخ البهائي، والمحقق الشيخ علي، والشيخ الحر وغيرهم، استثنوا من ذلك المرسل الذي عرف أن مرسله العدل، متحرز عن الرواية عن غير الثقة، كابن أبي عمير من أصحابنا على ما ذكر، وسعيد بن المسيب عند الشافعي، فجعلوا مرسله في قوة المسند وقبلوه.
بل ظاهر الشهيد (ره) في الذكرى: اتفاق الأصحاب عليه حيث قال عند تعداد ما يعمل به من الخبر ما لفظه: " أو كان مرسله معلوم التحرز عن الرواية عن مجروح، ولهذا قبلت الأصحاب مراسيل " ابن أبي عمير " و " صفوان بن يحيى " و " أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي " لأنهم لا يرسلون إلا عن ثقة - انتهى ".
وقريب من ذلك عبارة كاشف الرموز، والشيخ البهائي (ره)، بل صريح الشيخ (ره) في العدة دعوى الإجماع على ذلك، حيث قال: " أجمعت الطائفة على أن محمد بن أبي عمير ويونس بن عبد الرحمن وصفوان بن يحيى وأضرابهم لا يروون ولا -
(٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 ... » »»