دراسات في علم الدراية - علي أكبر غفاري - الصفحة ٦٤
وبالجملة حجية الخبر لا تنحصر في الصحيح وخبر العدل، بل المراد من اشتراط العدالة في قبول الخبر هو أنه شرط في قبوله نفسه، وأما من جهة ملاحظة التثبت والاعتضادات الخارجية فلا ريب أنه لا ينحصر الحجة في خبر العدل، وغرضنا اثبات حجية مثل هذه المراسيل لا إثبات أن أمثالها صحيحة في الاصطلاح والواسطة عادل، ولذا لا نسميه صحيحا بل كالصحيح. وبما ذكرنا ظهر سقوط المناقشة، بأن غاية ما هناك كون إرسال " ابن أبي عمير " عمن حذفه توثيقا لمجهول فلا يكون حجة.
وأما ما صدر من الشيخ الشهيد الثاني (ره) في البداية من المناقشة في حصول العلم بكون المرسل لا يروي إلا عن ثقة ب‍ " أن مستند العلم إن كان هو الاستقراء لمراسيله بحيث يجدون المحذوف ثقة هذا في معنى الاسناد ولا بحث فيه، وإن كان لحسن الظن به في أنه لا يرسل إلا عن ثقة فهو غير كاف شرعا في الاعتماد عليه، ومع ذلك غير مختص بمن يخصونه به، وإن كان استناده إلى إخباره بأنه لا يرسل إلا عن الثقة فمرجعه إلى شهادته بعدالة الراوي المجهول - وسيأتي ما فيه - وعلى تقدير قبوله فالاعتماد على التعديل، وظاهر كلام الأصحاب في قبول مراسيل " ابن أبي عمير " هو المعنى الأول ودون إثباته خرط القتاد، وقد نازعهم ابن طاووس في ذلك ومنع تلك الدعوى "، فلا وجه له لأنا لا نريد إثبات الصحة المصطلحة حتى تتم مناقشته بل الغرض إثبات حجيته لايراث شهادة جمع بأنهم لا يرسلون إلا عن ثقة، وإجماع الأصحاب على الأخذ بمراسيلهم وجعلها كالمسانيد.
تنبيهان: الأول: تشريك الشيخ - رحمه الله - " يونس بن عبد الرحمن " و صفوان بن يحيى " وأضرابهما مع " ابن أبي عمير " في دعوى اتفاق الأصحاب على كون مراسيله بحكم المسانيد. وكذلك الشهيد في الذكرى صنع مثل ذلك، و عطف عليهم " أحمد بن محمد بن أبي نصر " كما سمعت كلامه.
وتراهم في الفقه لم يلتزموا بذلك، إلا في حق " ابن أبي عمير "، ولا أرى للقصر عليه وجها لأن المستند في حق مراسيل " ابن أبي عمير " هو الإجماع المزبور وهو مشترك بينهم فقبوله في " ابن أبي عمير " والإغماض عنه في يونس " و " صفوان " و " البزنطي " مما لم أفهم وجهه.
(٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 ... » »»