ثم إن الاختلاف المذكور قد يوجب اختلاف الحكم في المتن والاعتبار في السند، وقد لا يوجب. فعلى الثاني فلا مانع من الحجية، وعلى الأول فإن ترجح أحد الحديثين أو السندين على الآخر بمرجح معتبر، كأن يكون راوي أحدهما أحفظ أو أضبط أو أكثر صحبة للمروي عنه ونحو ذلك من وجوه الترجيح فالحكم للراجح، وإلا لزم التوقف.
ثم إن الاضطراب يقع تارة في السند، وأخرى في المتن خاصة.
أما الأول: فبأن يرويه الراوي تارة عن أبيه عن جده، وتارة عن جده بلا واسطة، وثالثة عن ثالث غيرهما.
وأما الثاني: فبأن يروى حديث بمتنين مختلفين، كخبر اعتبار الدم عند اشتباهه بالقرحة بخروجه من الجانب الأيمن فيكون حيضا، أو بالعكس. فرواه في الكافي بالأول، وكذا في كثير من نسخ التهذيب، وفي بعض نسخه بالثاني، واختلفت الفتوى بذلك، حتى من الفقيه الواحد مع أن الاضطراب يمنع من العمل بمضمون الحديث مطلقا.
ومنها: المقلوب، وهو على ما يظهر من أمثلتهم له، وهو المناسب للتسمية، ما قلب بعض ما في سنده أو متنه إلى بعض آخر مما فيه، لا إلى الخارج عنهما وحاصله ما وقع فيه القلب المكاني.
ففي السند بأن يقال: " محمد بن أحمد بن عيسى " والواقع " أحمد بن محمد بن عيسى " أو يقال: " محمد بن أحمد بن يحيى "، عن أبيه " محمد بن يحيى " والواقع " أحمد بن محمد بن يحيى "، عن أبيه " محمد بن يحيى "، إلى غير ذلك.
وفي المتن كما في حديث السبعة الذين يظلمهم الله تعالى في ظل عرشه، وفيه ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا يعلم يمينه ما ينفق شماله، فإنه مما انقلب على بعض الرواة وإنما هو " حتى لا يعلم شماله ما ينفق يمينه " كما حكاه في البداية عن الأصول المعتبرة، ثم القلب قد يقع سهوا مثل ما ذكر، وقد يقع عمدا.
ومنها: المهمل، وهو ما لم يذكر بعض رواته في كتاب الرجال ذاتا ووصفا.
ومنها: المجهول، وهو ما ذكر رواته في كتاب الرجال ولكن لم يعلم حال