تقدم تحقيقه في ذيل الكلام على الضعيف خلافا للمشهور.
الثاني: أن من أراد أن يروي حديثا ضعيفا أو مشكوكا في صحته بغير إسناد يقول: روي أو بلغنا أو ورد أو جاء أو نقل ونحوه من صيغ التمريض، ولا يذكره بصيغة الجزم كقال رسول الله صلى الله عليه وآله، وفعل ونحوها من الألفاظ الجازمة، إذ ليس ثمة ما يوجب الجزم ولو أتى بالإسناد مع المتن لم يجب عليه بيان الحال لأنه قد أتى به عند أهل الاعتبار، والجاهل بالحال غير معذور في تقليد ظاهره بل مقصر في ترك التثبت.
وأما الصحيح فينبغي ذكره بصيغة الجزم بل يقبح فيه الإتيان بصيغة التمريض كما يقبح في الضعيف صيغة الجزم.
الثالث: أنه قال غير واحد أنه إذا رأيت حديثا بإسناد ضعيف، فلك أن تقول هو ضعيف بهذا الإسناد ولا تقل ضعيف المتن ولا ضعيف وتطلق بمجرد ضعف ذلك الإسناد فقد يكون له إسناد آخر صحيح، إلا أن يقول ماهر في الفن إنه لم يرو من وجه صحيح، أوليس له إسناد يثبت به، أو إنه حديث ضعيف مفسرا ضعفه، فإن أطلق ذلك الماهر ضعفه ولم يفسره ففي جواز لغيره كذلك وجهان مبنيان على أن الجرح هل يثبت مجملا أم يفتقر إلى التفسير. وسيأتي الكلام فيه إن شاء الله تعالى فتأمل.
الفصل السادس: فيمن تقبل روايته، ومن ترد روايته، وما يتعلق به من الجرح والتعديل.
وينبغي قبل الأخذ في ذلك تقديم مقدمة ذكرها في البداية وهي: أن معرفة من تقبل روايته ومن ترد من أهم أنواع علم الحديث، وأتمها نفعا، وألزمها ضبطا وحفظا، لأن بها يحصل التمييز بين صحيح الرواية وضعيفها، والتفرقة بين الحجة واللاحجة، ولذا جعلوا مصلحته أهم من مفسدة القدح في المسلم المستور، وإشاعة الفاحشة في الذين آمنوا اللازمين لذكر الجرح في الرواة، وجوزوا لذلك هذا البحث، ووجه الأهمية ظاهر، فإن فيه صيانة الشريعة المطهرة من إدخال ما ليس منها فيها، ونفيا للخطأ والكذب عنها.