دراسات في علم الدراية - علي أكبر غفاري - الصفحة ٦٧
فإن قلت: إن تركهم لذلك لعله من جهة كون المعلول لحنا لأن اسم المفعول من علل الرباعي لا يأتي على مفعول، ولذا قال في القاموس: أعله الله تعالى فهو معل وعليل ولا تقل: معلول، والمتكلمون يقولونها، ولست منه على ثلج - انتهى، أي على طمأنينة.
قلت: كما أن معلول من العلة بمعنى المرض غير مستقيم على القياس فكذا معلل لا يستعمل من أعل بمعنى أصابه مرض، وإنما القياس في اسم مفعول أعل معل بلام واحدة، وأما معلل بلامين فهو اسم مفعول علل بمعنى ألهاه بالشئ وشغله.
فظهر أن كلا من معلل ومعلول على خلاف القياس، فحيث استعملوا الأول كان لهم أن يستعملوا الثاني أيضا.
وعلى كل حال فمعرفة المعلل وتميزه من أجل أنواع علوم الحديث، وأشرفها، وأدقها، وإنما يتمكن منها أهل الخبرة بطريق الحديث، ومتونه، ومراتب الرواة الضابطة لذلك، وأهل الفهم الثاقب في ذلك، ويستعان على إدراك العلل المذكورة بتفرد الراوي بذلك الطريق، أو المتن الذي يظهر عليه قرائن العلة، وبمخالفة غيره له في ذلك، مع انضمام قرائن تنبه العارف على تلك العلة من إرسال في الموصول، أو وقف في المرفوع، أو دخول حديث في حديث، أو وهم واهم، أو غير ذلك من الأسباب المعلة للحديث، بحيث يغلب على الظن ذلك، ولا يبلغ اليقين، وإلا لحقه حكم ما تيقن من إرسال أو غيره، فإذا ظن العلة حكم بعدم حجيته، وإن تردد في ثبوت تلك العلة من غير ترجيح يوجب الظن لزم التوقف.
والطريق إلى معرفة العلة جمع الأحاديث، والنظر في أسانيدها ومتونها، وملاحظة أن راوي أيها أضبط وأتقن، كما صرح بذلك كله جمع منهم: ثاني الشهيدين في البداية.
تنبيهات:
الأول: أنه قال في البداية وغيرها: " إن هذه العلة عند الجمهور مانعة من صحة الحديث على تقدير كون ظاهره الصحة لولا ذلك، ومن ثمة شرطوا في تعريف الصحيح سلامته عن العلة، وأما أصحابنا فلم يشترطوا السلامة منها، وحينئذ فقد
(٦٧)
مفاتيح البحث: المرض (2)، الظنّ (3)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 ... » »»