دراسات في علم الدراية - علي أكبر غفاري - الصفحة ٧٠
وهذا القسم من التدليس بقسميه مذموم جدا، لما فيه من إيهام اتصال السند، مع كونه مقطوعا، فيترتب عليه أحكام غير صحيحة.
القسم الثاني: التدليس في الشيوخ لا في نفس الإسناد، بأن يروي عن شيخ حديثا سمعه منه، ولكن لا يحب معرفة ذلك الشيخ لغرض من الأغراض، فيسميه أو يكنيه باسم أو كنية غير معروف بهما، أو يلقبه بلقب غير معروف به، أو ينسبه إلى بلد أو قبيلة غير معروف بهما، أو يصفه بما لا يعرف به كيلا يعرف.
قال في البداية: " وهذا القسم من التدليس أخف ضررا من الأول، لأن ذلك الشيخ مع الإعراب به إما أن يعرف فيترتب عليه ما يلزمه من ثقة أو ضعف، أو لا يعرف فيصير الحديث مجهول السند فيرد ".
ثم قال: " لكن فيه تضييع للمروي عنه وتوعير لطريق معرفة حاله، فلا ينبغي للمحدث فعل ذلك، ونقل أن الحامل لبعضهم على ذلك كان منافرة بينهما اقتضته ولم يسعه ترك حديثه صونا للدين وهو عذر غير واضح - انتهى ".
وأقول: " الظاهر أن الوجه في عدم وضوح عذره أن ذلك تسبيب لرد الخبر وخفاء حكم الله الذي فيه. وقد يورد على جعله هذا القسم من التدليس أقل ضررا من الأول بأنه كثيرا ما يكون لمثل الخبر المذكور مدخل في الحكم بحيث لولاه لم يحكم بالحق الذي فيه إما للانحصار فيه أو لاعتباره في الترجيح، فمع رده يقع الحكم بغير الحق فيكون التدليس المذكور منه تسبيبا للحكم بغير الحق وأي ضرر أعظم من ذلك.
ثم إن التدليس بهذا النحو يختلف الحال في قبحه باختلاف غرض المدلس، فإن فعل ذلك لكون شيخه ضعيفا فيدلسه حتى لا يظهر روايته عن الضعفاء، فهو شر هذا القسم، وإن كان لكونه معتقدا بعدالة شيخه مع اعتقاد الناس بعدم عدالة ذلك الشيخ فدلس حتى يقبل خبره، كان دون ذلك ولا يخلو من ضرر أيضا لجواز أن يعرف غيره من جرحه ما لا يعرفه. وإن كان لمنافرة بينهما، كان دونهما.
ومنها: المضطرب، وهو كل حديث اختلف في متنه أو سنده، فروي مرة على وجه وأخرى على وجه آخر مخالف له، سواء وقع الاختلاف من رواة متعددين أو راو واجد أو من المؤلفين أو الكتاب كذلك بحيث يشتبه الواقع.
(٧٠)
مفاتيح البحث: الجهل (1)، الضرر (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 ... » »»