التصفية من قبله، كانوا ينظرون إلى الراوي قبل اي شئ، فإذا وجدوا فيه مغمزا أو انحرافا تركوا مروياته مهما كان حالها ولو أحيطت بعشرات القرائن، بينما درس الكليني الرواية من ناحية السند والمتن والملابسات التي تحيط بها، واعتبر الوثوق بالصدور مهما كان مصدره شرطا أساسيا للاعتماد على الرواية، ولذلك احتاج إلى عشرين عاما لانهاء هذه الدراسة التي أعطت هذه النتائج الغنية بالفوائد في مختلف المواضيع.
وقال فيه الشيخ المفيد الذي أدرك شطرا من حياته: ان كتاب الكافي من اجل كتب الشيعة وأكثرها فائدة.
وقال المرزا حسين النوري في مستدرك الوسائل بعد أن أورد كلمة الشيخ المفيد: إنما كان أكثر فائدة من غيره من حيث إنه جامع للأصول والأخلاق والفروع والمواعظ والآداب، وغير ذلك من المواضيع، وهو اجل من غيره من حيث الاعتبار والاعتماد، لأنه جمع الأصول الأربعمائة، التي كانت بتمامها موجودة في عصره، كما يظهر في ترجمة أبي محمد هارون بن موسى التلعكبري المتوفى سنة 385، وقد جاء في ترجمته انه روى جميع الأصول والمصنفات، والف منها ومن غيرها كتابه المسمى (بالجوامع في علوم الدين) (1).
ويؤيد ذلك ما جاء في أسباب تأليف الكافي، من أنه ألفه إجابة لن طلب منه كتابا جمع من جميع فنون الدين ما يكتفي به المتعلم، ويرجع إليه المسترشد، ويأخذ منه من يريد علم الدين والعمل بالآثار الصحيحة عن الصادقين (ع)، والسنن القائمة التي عليها العمل، وبها يؤدي فرض الله عز وجل وسنة نبيه (ص) فاستجاب لطلبهم، وألفه في تلك المدة