ان يكون باعتبار اجتهاده وظهورها عنده ولو بالدليل الظني، فلا يجوز اذن الاعتماد عليه، فان ظن المجتهد لا يكون حجة على مثله، كما هو الظاهر من الأصحاب، بل ومن العقلاء، وحيث لا ترجيح للاحتمال الأول وجب التوقف.
ومهما كان الحال، فالكتب الأربعة وعلى رأسها الكافي كانت بنظر المتقدمين من الفقهاء والمحدثين إلى أواخر القرن السابع الهجري الذي ظهر فيه العلامة الحلي، وأستاذه أحمد بن طاووس، كانت من أوثق المصادر في الحديث، ولم يتردد في قبول مروياتها سوى من أشرنا إليهم على أن بعض المحدثين قد فسر كلام المفيد والصدوق، الذي، يدل بظاهره على التشكيك ببعض مرويات الكافي، قد فسر كلامهما بما يرجع إلى انهما يترددان في بعض مروياته إذا تعارضت مع غيرها وكان المعارض لها أقوى سندا وأظهر دلالة، وذلك لا يعني انها من نوع الضعيف، لان تعارض الصحيح مع الأصح لا يمنع من وصفه بالصحة، كما لا يمنع من جواز العمل به والاعتماد عليه في غير مورد التعارض مع الأصح منه والشئ الطبيعي ان تتضاءل تلك الثقة التي كانت للكافي على مرور الزمن بسبب بعد المسافة بين الأئمة (ع) وبين الطبقات التي توالت مع الزمن، وبمجئ دور العلامة الحلي انفتح باب التشكيك في تلك المرويات على مصراعيه بعد أن صنف الحديث إلى الأصناف الأربعة، فتحرر العلماء من تقليد المتقدمين فيما يعود إلى الحديث، وعرضوا مرويات الكافي وغيره، على أصول علم الدراية وقواعده، فما كان منها مستوفيا للشروط المقررة أقروا العمل به والاعتماد عليه، وردوا ما لم تتوفر فيه الشروط المطلوبة. وعلى هذا الأساس توزعت أحاديث الكافي التي بلغت ستة عشر الف حديث ومائة وتسعة وتسعين حديثا على النحو التالي.
الصحيح منها خمسة آلاف واثنان وسبعون حديثا، والحسن مائة