صحة هذا القول، ان رواية أبي إسحاق المستعلي، ورواية أبي محمد السرخسي، ورواية أبي الهيثم الكشمهيني، ورواية أبي زيد المروزي مختلفة بالتقديم والتأخير، مع أنهم انتسخوا من أصل واحد، وإنما ذلك بحسب ما قدر كل واحد منهم فيما كان في طرة أو رقعة مضافة انه من موضع ما فأضافه إليه.
ويبين ذلك انك تجد ترجمتين وأكثر من ذلك متصلة ليس بينهما أحاديث (1) وقد انتقد المحدثون والحفاظ البخاري بأنه لم يتقيد بالنص الحرفي للرواية، وأحيانا ينقل الرواية بالمعنى، وان رواياته تشتمل على المكرر والمعلق والموقوف، والمقطوع (2) وغير ذلك من عيوب الرواية.
ومن الجائز القريب ان يكون البخاري رحمه الله قد وضع في حسابه ان لا يضع الصيغة النهائية لكتابه الا بعد جمعه أولا ثم تمحيص أسانيده، ومحاكمة متونه، ولكن الاجل قد وافاه بعد الفراغ من الجولة الأولى، التي تم له فيها ان يجمع تلك الكمية من الأحاديث بعد أن أنفق شطرا كبيرا من عمره متجولا في المدن الاسلامية الكبرى التي تحولت مساجدها ونواديها، وبيوت علمائها إلى معاهد لتدريس الحديث وتدوينه ولغير ذلك من العلوم والفنون، وفي هذه المرحلة كان يدون الأحاديث أحيانا كما تنقل إليه وأحيانا يعتمد على ذاكرته التي كانت أشبه بآلة للتسجيل تلتقط جميع ما يصل إلى فضائها من الأصوات كما يستنتج ذلك من كتب التراجم التي وضعته في مستوى الأساطير، ولم يمهله الاجل لتمحيص أسانيده