الصحيح بنظر العلماء والمحدثين الظاهر أن المحدثين من السنة متفقون على أن محمد بن إسماعيل البخاري أول من تطوع لتمييز الصحيح عن غيره، بعد أن كانت الطبقة الأولى التي دونت الحديث لا يعنيها من امره الا جمع حديث الرسول وأقوال الصحابة وأقضيتهم من غير ترتيب وتبويب، وجائت الطبقة الثانية فوزعته على الأبواب الفقهية ووضعت كل حديث في المحل المناسب له، فكان البخاري مجددا في الطريقة التي سلكها، ومهد لمن الف من بعده كمسلم بن الحجاج، وابن ماجة المتوفى 273 ه، وأبي داود المتوفى 275 ه، والترمذي المتوفى 279 ه، والنسائي المتوفى 303 ه.
وقال ابن كثير في الباعث الحثيث: أول من اعتنى بجمع الحديث الصحيح محمد بن إسماعيل، وتلاه تلميذه وصاحبه مسلم بن الحجاج النيسابوري فهما أصح كتب الحديث، والبخاري أرجح منه، لأنه اشترط في كتابه هذا ان يكون قد عاصر شيخه وثبت عنده سماعه منه، واكتفى مسلم بالمعاصرة ولو لم يسمع منه (1).