الواجب في صحيح البخاري بالامكان ان ينتزع الباحث صفات الواجب عند البخاري من مروياته عن النبي (ص) حول هذا الموضوع المنتشرة في صحيحه هنا وهناك، وبالطبع انه لم يدون فيه الا الأحاديث الصحيحة عنده، لأنه اختاره من ستمائة الف حديث على حد زعم المؤلفين في التراجم كما ذكرنا، مع العلم بان البخاري في صحيحه لم يوفق إلى توزيع الأحاديث على المواضيع التي تعرض لا توزيعا كاملا، ذلك لأنه يعنون الموضوع أحيانا ويروي فيه بعض الأحاديث التي تناسبه وأحيانا يروي فيه ما لا يتناسب معه، لذلك فان الباحث إذا أراد ان ينتهي إلى رأيه الأخير في موضوع من المواضيع التي دونها في كتابه لا بد وان ينتهي بقية الأبواب ويتتبع المرويات فيها إذا كانت هذه المدونات تعبر عن رأيه في تلك المواضيع.
ولعل السر في ذلك أن البخاري لم يمهله الاجل إلى انجاز كتابه ونقله من المسودات التي جمعه فيها، فوافاه الاجل قبل تبييضه وتوزيع أحاديثه في الأماكن التي تناسبها، وحذف المكررات منه، كما ذكرنا سابقا ولما جاء دور تلاميذه من بعده دونوه على علاته، ولو أمهله الاجل لجاء كتابه مصنفا ومرتبا على الأبواب والمواضيع ووافيا بالغرض الذي اراده من تأليفه، وسليما من أكثر العيوب التي لا يستطيع الباحث تجاهلها.
كما وانه لم يتعرض للواجب بعنوان خاص، بل تعرض لصفاته تعالى وبعض الخصائص التي تشير إلى حقيقته في مختلف المناسبات