كتابه كلها من الصحيح المتصل سنده بالمعصوم بواسطة العدول، فإنه قال في جواب من سأله، تأليف كتاب جامع يصح العمل به والاعتماد عليه قال: وقد يسر لي الله تأليف ما سئلت وأرجو ان يكون بحيث توخيت.
وهذا الكلام منه كالصريح في أنه قد بذل جهده في جمعه واتقانه معتمدا على اجتهاده وثقته بتلك المجاميع والأصول الأربعمائة، التي كانت مرجعا لأكثر المتقدمين عليه ومصدرا لأكثر مرويات كتابه.
ومهما كان الحال فالكافي مع أنه كان من أوثق المجاميع في الحديث منذ تأليفه إلى عصر العلامة الحلي وأستاذه أحمد بن طاووس أكثر من ثلاثة قرون من الزمن مع أنه كان بهذه المنزلة عند المتقدمين، فان جماعة منهم كالمفيد وابن إدريس، وابن زهرة، والصدوق لم يثقوا بكل مروياته ووصفوا بعضها بالضعف كغيرها من المرويات التي لم تتوفر فيها شروط الاعتماد على الرواية.
ومن ذلك تبين ان المتقدمين لم يجمعوا على الاعتماد على جميع مروياته جملة وتفصيلا، فان شهادتهم له بأنه من أوثق كتب الحديث وأفيدها واعتباره مرجعا لهم، لا تعني ان كل ما فيه حجة شرعية يجوز الاعتماد عليه في الفروع والأصول كما يدعي أكثر الأخباريين.
ويمكن تحديد موقف العلماء والمحدثين من مرويات الكافي بالبيان التالي، وهو ان تصحيح الكليني لمروياته واعتباره لها حجة فيما بينه وبين ربه، هل هو شهادة منه بتزكية رواة تلك الأحاديث، وبوجود قسم منها في الكتب المعتبرة التي عرضت على الأئمة (ع) وأقروا العمل بها من اعتبر تصحيحه لا واعتماده عليها من باب الشهادة لا بد وان يعتمد عليها لجواز الاكتفاء بالشاهد الواحد في مقام التزكية وفي الموضوعات كما لو شهد الثقة بأن هذا الكتاب لزيد مثلا وهذا الحديث موجود في الكتاب الفلاني، أو في المحل الفلاني مثلا.