بجد ونشاط واخلاص في تدعيم الدين ونشر الثقافة الاسلامية من جميع نواحيها.
ونظر إليه الشيعة بعين الاحترام والتقدير في جميع الأدوار التي مروا بها واشتهر من بين مؤلفاته الغنية بالفوائد كتابه الجليل الكافي، ذلك الكتاب الذي تحرى فيه أقصى ما لديه من جهد لتصفية الأحاديث الصحيحة عن غيرها كما نص على ذلك في مقدمة كتابه، حتى تم له تأليفه بعد جهاد ورحلات استمرا نحوا من عشرين عاما يجوب فيها البلدان من بلدة إلى بلدة في البحث عن الحديث ومذاكرة المحدثين في الحديث وأصنافه ومصادره، والتنقيب عن الأصول الأربعمائة التي ألفها تلامذة الأئمة في الحديث، وعن مؤلفات القميين وغيرهم التي جمعوها في أواخر القرن الثاني من مرويات أصحاب الإمامين جعفر بن محمد وأبيه الباقر (ع) وقد ذكرنا في الفصل السابق ان القميين والأشعريين والبعض من الكوفيين قد تطوعوا لجمع الأحاديث وتصفيتها، وألفوا في علمي الرجال والدراية ووضعوا أصول هذين العلمين خلال النصف الأول من القرن الثالث ه ومهدوا الطريق للطبقة الثالثة التي برز فيها الكليني والف كتابه الجامع ونال اعجاب العلماء والمحدثين على اختلاف مذاهبهم وطبقاتهم.
ورجح جماعة من المؤلفين الاعلام انه كان على اتصال بسفراء الإمام محمد بن الحسن الذين كانوا يتصلون به. كما نص على ذلك المحدث النيسابوري في كتابه منية المراد والسيد علي بن طاووس وغيرهما، وانطلق هؤلاء من هذه المرحلة إلى أن الكافي قد عرضه سفراء الامام عليه وأقر العمل به، وتمسكوا بما جاء عنه (ع) أنه قال: (الكافي كاف لشيعتنا)، وأضافوا إلى ذلك أن بعض الشيعة من البلدان النائية كلف الكليني بتأليف كتاب في الحديث يجمع مختلف المواضيع، لكونه على اتصال دائم بالسفراء الذين كانوا يتصلون بالامام، ويروون عنه، فألفه إجابة لطلبهم في عشرين عاما، ولا بد وأن يكون قد راجعهم فيما اشتبه عليه امره.