وكيف كان فقد عرف الصحيح جماعة من المؤلفين في علم الحديث كما نص على ذلك الشهيد الثاني في كتابه (البداية في علم الدراية) بأنه عبارة عن الحديث المتصل سنده بالمعصوم بواسطة الامامي العدل عن مثله في جميع الوسائط الواقعة بين المعصوم والراوي الأخير، فلو كان بين رواته واحد يفقد هذه الصفات، أو بعضها لا يتصف الحديث بالصحة، كما وانه لو انقطع السند مثلا، بان رواه خمسة واحدا عن واحد وكانوا من عدول الامامية، ولكن الراوي الأول عن الإمام (ع) لم يذكر في سند الرواية لا تكون الرواية من نوع الصحيح كما يستفاد من هذا التعريف ومن تصريحاتهم.
وأضاف بعضهم قيدا اخر إلى تعريف الصحيح، وهو ان يكون الراوي ضابطا، اي متقنا، لان من لم يكن كذلك لا يحصل الوثوق بأقواله ومروياته، ولكن أكثر المؤلفين في علم الدراية لم يعترضوا لهذا القيد، اعتمادا على أن اشتراط العدالة في الراوي يدل عليه بالملازمة، ذلك لان العادل إذا أحس من نفسه النسيان أو السهو وعدم الاتقان يمتنع من تلقاء نفسه عن الرواية إذا لم يكن جازما ومطمئنا لما يرويه عن غيره، وافتراض غفلته وعدم التفاته إلى كثرة سهوه، ونسيانه هذا الافتراض وإن كان ممكنا في ذاته، الا ان مصاديقه ان لم تكن معدومة فهي نادرة للغاية، وإذا بلغ الحال بالراوي إلى هذا الحد. لم يعد محلا للوثوق والاطمئنان عند عامة الناس، وتصبح مروياته بنظر العقلاء كغير ما من المرويات التي يجب التثبت فيها ان لم تكن أسوأ حالا منها. ونص جماعة على أن القسم الصحيح من الأحاديث يشتمل على ثلاثة مراتب أعلاها ان تثبت عدالة الرواة بالعلم أو بشهادة العدلين، ويدخل في هذه المرتبة، ما لو كانت صفة العدالة ثابتة لبعضهم بالعلم، وللبعض لآخر بشهادة العدلين.
وأوسطها ان يكون انصاف الراوي بالصفات المطلوبة بشهادة العدل