المصطلحات ليست من مخترعات العلامة، ولا من مبتكرات أستاذه. لان المتتبع لكتب الرجال والدراية يجد في طياتها ما يوحى باستعمال المتقدمين لهذه الاصطلاحات، فلقد قالوا: بأن فلانا صحيح الحديث، وفلانا ضعيف في أحاديثه وفلانا ثقة فيما يحدث به إلى غير ذلك مما يؤكد انهم قد استعملوا هذه الأوصاف في تقريض الأحاديث والرجال ونقدهما، ولما جاء دور العلامة الحلي استعمل هذه المصطلحات ونسقها، ووضع كل واحد منها في المحل المناسب، ونظر إلى الحديث بلحاظ ذاته مع قطع النظر عن الملابسات والقرائن التي كانت تحيط به، وطبق هذا المبدأ على جميع المرويات المدونة في الكتب الأربعة وغيرها، والنتيجة الحتمية التي ينتهي إليها الباحث عندما ينظر إلى الحديث من حيث ذاته، هي وجود هذه الأصناف الأربعة في الكتب التي بنى الأخباريون على صحة جميع ما جاء فيها وغيرها، ولا يعني ذلك أن العلامة الحلي كان يتنكر للقرائن ولغيرها من الملابسات التي تؤكد صدور الحديث المنسوب إلى النبي أو الإمام (ع) ولكنه يرى أن ذلك لا يجعله من قسم الصحيح، وان جاز الاخذ به والعمل بمقتضاه من غير ناحية السند، بينما نرى ان المتقدمين قد توسعوا في وصف الحديث بالصحة، واستعملوه في كل حديث اقترن بما يقتفي الاعتماد عليه، وان لم يكن صحيح بذاته، كوجوده في أحد الأصول الأربعمائة، أو لأنه محفوف ببعض القرائن، أو موافق لحكم العقل، أو للكتاب وللسنة القطعية، أو لوجوده في أحد الكتب التي ألفها أحد الجماعة الذين اجمعوا على صحة ما صدر عنهم، أو لوجوده في أحد الكتب التي عرضت على الأئمة، ونالت استحسانهم، ككتاب عبيد الله الحلبي، المعروض على الإمام الصادق (ع) وكتابي يونس بن عبد الرحمن والفضل بن شاذان المعروضين على الحسن العسكري (ع) أو لكونه مأخوذا من أحد الكتب التي شاع في عصر الأئمة الاعتماد عليها والوثوق بها ككتاب الصلاة لحريز بن عبد الله السجستاني،
(٤٢)